الجامع الكبير...... أم الكنيسة الكبيرة ؟

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
فارس الكيخوه
مشاركات: 20
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 27, 2022 9:11 pm

الجامع الكبير...... أم الكنيسة الكبيرة ؟

مشاركة بواسطة فارس الكيخوه »

الجامع الكبير ام الكنيسة الكبيرة ؟

فارس الكيخوه
(Fares Al Kehwa)

بين ليلة وضحاها تحولت عاصمة الإمبراطورية البيزنطية إلى عاصمة الإمبراطورية العثمانية،وبين ليلة وضحاها تحولت أكبر كنيسة في العالم إلى أكبر جامع في العالم..ما أغرب التاريخ .هذه قصة آيا صوفيا في اسطنبول والذي يطلق عليها اليوم الجامع الكبير…..
أيا صوفية من معالم اسطنبول البارزة والمتميزة والتي يزورها الملايين من السياح كل سنة,لها تاريخ عميق وطويل ومتنوع على مر العصور ، بنيت أيا صوفية التي تعني كنيسة الحكمة الإلهية لتكون كاتدرائية للبطريركية المسيحية الأرثوذكسية، بين عام ٥٣٢ وعام ٥٣٧ من قبل الامبراطور قسطنطين الأول،وكانت أكبر كنيسة ذو اكبر قبة في العالم لأكثر من ألف عام،استغرق بناء الكنيسة خمسة أعوام وعشرة أشهر ،وعمل في بنائها أكثر من عشرة الآلاف عامل..…بين يدي كتيب اسمه " آيا صوفية الجامع الكبير " أخذته مجاناً من احدى المحلات القريبة من الجامع الكبير عندما كنت في زيارة إلى اسطنبول قبل أسابيع قليلة ،هذا المحل هو أيضا يقوم بالدعوة إلى نشر تعاليم الإسلام وتقديم صورة لامعة عنه للأجانب الذين يزورون إسطنبول،ولكن ولسوء حظي لم يكن في المحل أي شخص فأخذت الكتيب وخرجت وأنا الذي كنت مستعدا…أول ما لفت انتباهي في القراءة هو محاولة تلميع وتبيض الوجه ومن أجل أن يعطي للمتلقي مقدار أهمية احترام الأديان واحترام الأماكن المقدسة للآخرين من قبل المسلمين ومن قبل العثمانيين خاصة( تذكرت هنا مقولة المفكر الراحل السيد القمني " نحن أحسن ناس نكذب ،وكتبنا هم عبارة عن كذب في كذب"...فنحن في العراق كنا تحت الاحتلال العثماني ما يقارب أربعة قرون ونعرف حق المعرفة أن العثمانيين كانوا يسرقون وينهبون ثرواتنا وخيراتنا ولم يتركوا لنا غير الخراب والجهل وسوء وقسوة المعاملة ،وعندما عرض دكتور جون فانيس على والي العراق عام 1903 أن يبنوا مدارس حديثة يجري فيها التعلم باللغة العربية بدل التركية التي كانت سائدة آنذاك ،رد عيه الوالي متهكما" ما لك واضاعة وقتك في تعليم الحمير"...هكذا كان العثمانيين يتعاملون في بلاد المسلمين فكيف بربكم سيتعاملون مع الآخرين المخالفين ؟؟؟؟
سقطت القسطنطينية بيد الجيش العثماني بعد حصار لعدة أسابيع في 29 أيار عام 1453,بقيادة السلطان محمد الفاتح الثاني ،ولو علمنا أن غاية غزو العثمانيين للقسطنطينية هي غاية دينية بحتة ، وكما يدعون أن محمد تنبأ بفتح القسطنطينية بقوله في المسند وغيره "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش"..وهذا الكلام أيضاً موجود في الكتيب الذي امامي ،ولكنهم لا يقولون بأن محمد أيضا قال " اغزوا تبوك تغنموا بنات الأصفر ونساء الروم" ..وهذا ما حدث بالضبط بعد احتلال القسطنطينية "اغزوا تغنموا"...بل إن الإمبراطورية العثمانية قامت على أساس " الجهاد في سبيل الله"..
ولكن العجيب أيضاً أن علماء الإسلام يضعفون من صحة هذا الحديث،وان محمد لم يذكر القسطنطينية بالاسم في أي حديث ،فلماذا اذن تشبت به العثمانيين ؟ انا أقول لكم ..السلطان فاتح الثاني تربى تربية إسلامية وفقهية من علماء معروفين في تلك الحقبة أمثال الشيخ آق شمس الدين، والمُلا الكوراني، وهو ما أثر في تكوين شخصية الأمير الصغير، وبناء اتجاهاته العقائدية بل إن الشيخ آق شمس الدين، نجح في أن يبث في روح الأمير حب الجهاد في سبيل الله لان القرآن يحث على ذلك ثم أسوة بمحمد والصحابة الذين كانوا يغزون، وأن يُلمّح له بأنه هو المقصود ببشارة الرسول ،وهكذا كانت البداية…
بعد غزو القسطنطينية مباشرة وفي نفس اليوم ،يوم 29 من شهر أيار عام 1453 تحولت أكبر كنيسة في العالم إلى أكبر جامع في العالم بعد نهب جميع محتوياتها من ذهب وفضة وحتى الموزاييك ..هذا الكلام سمعته من أصدق واجرء دليل سياحي في اسطنبول عندما كنت اتحدث معه….أو ربما سرده سهوا !
ولكن لنرجع قليلاً في التاريخ ….من المفارقات العجيبة والغريبة والمضحكة في نفس الوقت ويجب أن نكون هنا ايضا محايدين في الطرح، أن هذه الكنيسة الكبيرة شهدت صراعات دينية طائفية قاسية وهمجية من داخل المسيحية نفسها قبل غيرها والتي كانت تتصارع وتتنازع فيما بينها من أجل القرار والسلطة والسيطرة على الأراضي..
والحملة الصليبية( الكاثوليكية) الرابعة كانت أكبر شاهد على بشاعة وهمجية المقاتلين المسيحيين الذين استباحوا أرواح وحرمات المدينة من مجازر بشعة من حرق ونهب وسلب للكنائس ،وفي مقدمتها أيا صوفية التي نهبت مقتنياتها وتحفياتها القيمة من ذهب وفضة.بل إن تلك الكنيسة الكبيرة كانت مسرح وقلب النزاع بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية ،هذا يحتلها وذلك يعيدها ،هذا ينصب امبراطورا وذاك يطرده، هذا يجعلها كاثوليكية والآخر يرجعها ارثوذكسية، حتى مجئ العثمانيين عام 1453 ليقولوا لهؤلاء الاغبياء ، شكرا لنزاعاتهم وخلافاتكم وتحالفاتكم الواحد ضد الاخر، شكرا لانكم سهلتم لنا دخول القسطنطينية الذي أخفق الكثيرين دخولها، وليحولوا بدورهم تلك الكنيسة الكبيرة إلى أكبر جامع في العالم في تلك الحقبة ،حتى تحول عام 1934 إلى متحف وثم من جديد إلى جامع عام 2020…
آيا صوفيا في رأي وبعد زيارتي لها لمرتين تبقى في عيون المسيحيين هي الكنيسة الكبيرة وليست الجامع الكبير،هذه لاحظتها جيداً في أعين الناس الذين يقفون في الطابور انتظاراً للدخول خصيصاً إلى ذلك الصرح الرائع والذي صمم وبني وقدس على أنه كنيسة …معالم المسيحية داخل الكنيسة واضحة وضوح الشمس،من الصلبان في كل جهة ومن الرسوم ومن الفن والبناء البيزنطي……ولكن هذه هي الأديان وهذه ما زرعت في النفوس من أحقاد وعبثية وحروب دموية…وهذا هو الإنسان اليوم يبحث بكل بلاهة عن أمجاد الأجداد الدموي الهمجي وهذا هو التاريخ يكتبه الحكام المنتصرين ومن يكتب لخدمة نزعة معينة….
وختاماً أقول ..وحق هذه الحياة ،لو كنت مسلما لخجلت من أن أصلي في هذا الجامع الكبير وانا اعرف حق المعرفة أنه صمم وبني وقدس وخدم كونه الكنيسة الكبيرة لقرون كثيرة ،وكان من الأفضل أن يترك متحفاً كما كان حفاظا على تراثه وقدسيته لدى الجميع ولكن كما يقولون " لا حياء في الدين"...........
تحياتي…


نعم للتنوير…لا للتخدير.


أضف رد جديد