هل التواتر والعنعنات تفيد البحث والعلم ؟

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
فارس الكيخوه
مشاركات: 21
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 27, 2022 9:11 pm

هل التواتر والعنعنات تفيد البحث والعلم ؟

مشاركة بواسطة فارس الكيخوه »

يقولون إن القرآن وصل إلينا بالتواتر ،أي ما معناه قد نقل الصحابة رضي الله عنهم القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبلَّغوه إلى التابعين بلفظه ومعناه، وبلَّغ التابعون لفظه ومعناه لمن بعدهم حتى انتهى إلينا…..والمتواتر: هو ما رواه جمعٌ عن جمعٍ يستحيلُ تواطؤهم على الكذب ،فلا تحوير ولا تحريف ولا تبديل في المتواتر..
اي باختصار يقولون باننا نعتمد كما يعتمد جميع المسلمين على تواتر النص القرآني..وهكذا يقولون في الروايات والأحاديث التي وصلت طريقها إلى كتب التراث..ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو " هل التواتر والعنعنات هذه، هي أفضل أم أسوأ طريقة تخدم الباحث عن الحقيقة ؟؟؟؟؟؟
أكثر من 1400 عام مضت على دعوة الرسول والمؤمنين برسالته يؤمنون بأن القرآن وصل إليهم عن طريق التواتر ،عن صحابة عدل لا تواطؤ عندهم ولا كذب ..
لا يهم فالذي يبحث في التراث نفسه يجد عجب العجاب ويجد عكس هذا الادعاء تماماً ..ولكن هذا ليس طرحي اليوم بل هل فعلا التواتر ونقل الرواية أو الحديث من شخص إلى آخر هي افضل طريقة لحفظ النص من أي تحريف او تبديل ؟؟؟ على أي حد يمكن الاعتماد على مصداقيتها وموثوقيتها ؟
الأديب العراقي الراحل معروف الرصافي يصف لنا في قصة لطيفة عن كيف الخبر يتعرض للتغيير والتبديل بسبب ما يكون في الرواة من سوء فهم أو ضعف حفظ ومن ضيق وعي وبسبب ما يعتريهم من ذهول ونسيان..يقول" اني اقص خبر حادثة من هذا القبيل كنت حاضرها لتعلم كيف يقع التغيير والتبديل في الحديث إذا طال سيره بين الرواة من فم إلى اذن ،انني كنت في سنة ١٩٢٠ في القدس ،وكنت أدرس آداب اللغة العربية في إحدى مدارسها ،وكان التلاميذ يجتمعون مع المدير وسائر المدرسين في بهو المدرسة ليلة الجمعة من كل أسبوع يخطبون وينشدون الاشعار ،ففي ذات ليلة من ليالي الجمعة بعدما حلس التلاميذ حلقة في البهو ،وكانوا زهاء ستين تلميذاً ،اقترح المدير الأستاذ خليل طوطح على مدرس الجغرافية ان يهمس كلاما في أذن التلميذ الجالس بجنبه على ان بهمسه ذلك التلميذ أيضاً في أذن التلميذ الذي يليه ،وهكذا ينتهي إلى الآخر،فعل ذلك مدرس الجغرافية وجعل كل تلميذ بعد سماعه ما قيل له بقوله للذي يليه حتى بلغ آخرهم في الجهة التي كنت أنا والمدير جالسين فيها،وكان الصمت في أثناء ذلك مخيما على الحاضرين ينتظرون النتيجة فإذا هي أن الخبر الذي أداه التلميذ الأخير إلى المدير هو هكذا " بكرة ما في درس الجغرافية"فلما سمع ذلك مدرس الجغرافية وكان في الجهة المقابلة لنا استضحك وقال: ما هكذا قلت للتلميذ الذي يليني وانما قلت " بكرة درسنا في الجغرافية كذا وكذا .فعجبا لهذه الجملة الإيجابية كيف انقلبت إلى جملة سلبية ،فهذه الحادثة تدلك على مبلغ الرواية من إفادة العلم وعلى مقدار ما يقع فيها من التغيير والتبديل إذا طال سيرها بين الأفواه والآذان وتداولها رواة كثيرون..
يزيد الأديب معروف الرصافي في كتابه" السيرة المحمدية". ومن نتائج سوء الحفظ ،وقوع الوهم من الراوي في تبديل مكان بمكان وزمان بزمان فمن ذلك ما ذكره الرواة من ان النبي لما رجع من غزوة تبوك ودنا من المدينة خرج الناس لتلقيه ،وخرج النساء والصبيان والأولاد يقلن " طلع البدر علينا من ثنيات الوداع "..غير أن بعض الرواة قد روى ذلك عند مقدمه المدينة من مكة لا من تبوك وهو غلط من الراوي في الزمان والمكان ، فقول الاولاد " من ثنيات الوداع" دليل قاطع على أن ذلك كان عند مقدمه من تبوك لا من مكة لأن ثنيات الوداع إنما هي من ناحية الشام ولا يراها القادم من مكة إلى المدينة ولاويمر بها إلا إذا توجه إلى الشام كما ذكر ابن القيم في زاد المعاد….
أعتقد أن الفكرة وصلت.. أن الاختلافات والتنافضات والتبديل والتغيير في نقل الرواية والحديث وحتى آيات القرآن نتيجة طبيعية وحتمية لما يعترض الأشخاص من نسيان أو وهن من تغيير أو تحريف غير مقصود…
أما أن تقول عن صحابة عدل لا تواطؤ عندهم ولا كذب فهذا اتركه لكم للبحث والاستقصاء.. ……
تحياتي ..
نعم للتنوير…لا للتخدير.


أضف رد جديد