هل يحق لغير المسلم أن يسكن جزيرة العرب؟
هذا البحث لم اقم بكتابته بنفسي بل انما هو بحث حوزوي بامتياز مقدم من حوزة الهدى للدراسات والبحوث الإسلامية ويقدم على انه مادة علمية بحثية قائمة على الأصول التشريعة المقتبسة من الكتاب والسنة .
هل يحق لغير المسلم ان يسكن جزيرة العرب وماذا أوصى محمد النبي الرحوم الإنساني أصحابه فهل امرهم بطرد غير المسلمين وتطهير الأرض منهم ام ان كل ما يقال عن صورة الإسلام الغير إنسانية عبارة عن أكاذيب ها هو البحث مقدم اليكم وبين ايديكم لتعرفوا به بعضا من الحقيقة المغيبة ولتعرفوا لماذا داعش تنتهج هذا المنهج الغير انساني انه بحث علمي حوزوي شيعي كتبه احد المختصين المحبين للاسلام المدافعين عنه ونشر في الموقع الرسمي للحوزة وبيد يعقوب الجعفري – عدد القراءات: 1657 – نشر في: 23-أكتوبر-2011 وساضع رابط الموقع اخر الموضوع.
تأمل أيها الانسان حقيقة الإسلام التاريخي واحكامه التي غيبت عنك ولم تعرفها كما عرفها البعض وطبقها فظننت انه قد جاء بشئ جديد لا دخل للاسلام به.
وقبل ان اضع البحث اريد ان اثير نقطة مهمة بان النبي محمد مات في ارض ظن انها اقصى ما سيصل اليه الإسلام لذلك امر بطرد غير المسلمين منها والا فلو كان يعلم ان دينه سيبلغ أراضي واسعة أوسع مما كان يظن لما قال اطردوهم من ارض الحجاز بل لقال من كل الأرض التي وصل الإسلام لها ثم ان الاستدلال الفقهي في مثل هذه الحالات يعمم الخاص لمن درس علم الفقه والاصول وادلته. دعوة للتفكر
البحث يقول:
في طرد غير المسلم من جزيرة العرب
ثمة أحكام خاصة لجزيرة العرب، مهبط الوحي الإِلهي، ومنطق نور الإسلام بيّنتها المتون الفقهيّة، أهمّها: انّه لا يحقّ لغير المسلمين من المشركين واليهود والنصارى وأتباع الأديان اْلاُخرى السكن في هذه الأرض، وعليهم أن يعتنقوا الإسلام أويهاجروا عنها.
وقد وردت روايات عديدة في ذلك من طرق الفريقين، نثبت فيما يلي بعضها، لنورد من بعد آراء العلماء الشيعة والسنة وأقوالهم، ثم نبحث في حدود جزيرة العرب التي يخصها هذا الحكم، ونختم البحث برأينا في ذلك:
1ـ عن أُم سلمة، أنّ رسول الله (ص) أوصى عند وفاته: “أن تخرج اليهود والنصارى من جزيرة العرب”. (1)
2ـ عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (ع) قال: “سألته عن اليهودي والنصراني والمجوسي، هل يصلح لهم أن يسكنوا في دار الهجرة؟قال: أمّا ان يلبثوا بها فلا يصلح، وقال: إن نزلوا بها نهاراً وأخرجوا منها بالليل فلا بأس”. (2)
3ـ عن أبي عبدالله (ع) انّه قال: “لا يدخل أهل الذمّة الحرم، ولا دار الهجرة، ويُخرجون منها”. (3)
4ـ عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (ص): “أخرجوا المشركين من جزيرة العرب”. (4)
5ـ عن رسول الله (ص) قال: “لأُخرجنّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلاّ مسلماً”. (5)
6ـ عن أبي هريرة، قال: “بينما نحن في المسجد خرج النبيُّ (ص) فقال: انطلقوا إلى يَهُودَ، فخرجنا حتى جئنا بيت المدراس فقال: أسلموا تسلموا، واعلموا أنّ الأرض لله ورسوله، وإنّي أُريد أن اُجليكم من هذه الأرض، فمن يجد منكم بماله شيئاً فليبعه، وإلاّ فاعلموا أنّ الأرض لله ورسوله”. (6)
أـ آراء علماء الشيعة
1ـ المحقّق الحلي (رحمه الله):
“ولا يجوز لهم استيطان الحجاز على قول مشهور، وقيل: المراد به مكة ومدينة; وفي الاجتياز به والامتياز منه، تردّد. ومَنْ أجازه، حدّه بثلاثة أيام ; ولا جزيرة العرب…”. (7)
2ـ الشيخ الطوسي (رحمه الله):
“كلّ مشرك ممنوع من الاستيطان في حرم الحجاز من جزيرة العرب، فان صولح على أن يقيم بها ويسكنها، كان الصلح باطلاً لما روى ابن عباس قال: أوصى رسول الله (ص) بثلاثة أشياء فقال: أَخرجوا المشركين من جزيرة العرب…”. (8)
3ـ الشهيد الأول (رحمه الله):
ما معناه: “لا يجوز للذميّ السّكن في الحجاز وجزيرة العرب، وحدّها من عدن إلى عبادان طولاً، ومن تهامة إلى الشام عرضاً “. (9)
4ـ العلاّمة الحلي (رحمه الله):
ما معناه: “لا يجوز للمشرك الذميّ والحربي السكن في الحجاز، والاجماع عليه قائم، لأنّ ابن عباس روى عن النبيِّ (ص) أنّه أوصى بثلاثة أُمور، منها: “أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وقال: لا يجتمع دينان في جزيرة العرب”. (10)
ويقول العلاّمة الحلي أيضاً ما معناه: “لا يجوز للكافر والحربي أوالذمي السكن في الحجاز إجماعاً”. (11)
5ـ الشهيد الثاني (رحمه الله):
“قوله: ولا يجوز لهم استيطان الحجاز، نسبه إلى الشهرة لعدم الظفر بنصّ فيه من طرقنا، لكن ادعى في التذكرة عليه الإِجماف فالعمل به متعيّن، والقول بتحريم مطلق الحجاز أقوى عملاً بدلالة العرف واللغة فيدخل فيه البلدان مع الطائف وما بينهما…”. (12)
6ـ صاحب الجواهر (رحمه الله):
“ولا يجوز لهم استيطان الحجاز على قول مشهور، بل في المنتهى ومحكي المبسوط والتذكرة الاجماع عليه، وهو الحجة بعد السيرة القطعية، التي يمكن استفادة الاجماع أيضاً منها، مضافاً إلى ما سمعته من خبر الدعائم (13)، وإلى خبر ابن الجراح المروي من طرق العامة “. (14)
ب ـ أقوال علماء السنة
1ـ ابن قدامة:
“ولا يجوز لأحد منهم سكنى الحجاز، وبهذا قال مالك والشافعي، إلاّ أنّ مالكاً قال: أرى أن يجلوا من أرض العرب كلّها لأنّ رسول الله (ص) قال: لا يجتمع دينان في جزيرة العرب”. (15)
2ـ أبو الحسن الماوردي:
“أن لا يستوطنه الحجاز مشرك من ذمي ولا معاهد، وجوّزه أبو حنيفة، وقد روى…: كان آخر ما عهد به رسول الله (ص) أن قال: لا يجتمع في جزيرة العرب دينان. وأجلى عمر بن الخطاب أهل الذمة عن الحجاز، وضرب لمن قدم منهم تاجراً أوصانعاً مقام ثلاثة أيام، ويخرجون بعد انقضائها”. (16)
3ـ ابن قيم الجوزية:
ما معناه: “قال مالك: ينبغي إجلاء الكفّار من كل جزيرة العرب، وقال الشافعي: أن يمنعوا من الحجاز كلّها، وهي عبارة عن مكّة والمدينة واليمامة وأطرافها.
أما غير الحرم منه فحكمه أن يمنع الكافر الكتابي وغير الكتابي من السكن فيه والاقامة، ويستطيع أن يدخله بجواز من الامام لمصلحة معينة نحو إيصال رسالة أوحمل سلعة يحتاجها المسلمون” (17).
4ـ ابن الأثير:
ما معناه: “قال الطبري بأنّ على الامام أن يخرج غير المسلم من أية مدينة يتغلب عليها المسلمون، لو لم يكن للمسلمين بهم حاجة، كالعمل في الأرض وغير ذلك، وبسبب هذه الحاجة أبقاهم عمر في العراق والشام”.
اعتقد الطبري أن الحكم لا يختص بجزيرة العرب وحسب، بل يلحق بها كل مكان في حكمها” (18).
يتضح من الفقرات المقتبسة أعلاه أن معظم المسلمين يعتقدون بعدم جواز سكن غير المسلمين وإقامتهم في الحجاز أوالجزيرة العربية، سوى أبي حنيفة فإنّه جوّز ذلك.
ويبدوأن حكم المسألة واضح بين فقهاء الشيعة بلحاظ الإِجماع الذي أشار إليه العلاّمة الحلي في المنتهى والتذكرة، ولم يُنقل عن الفقهاء شيء بخلاف ذلك. ولكن ما هي حدود الحجاز والجزيرة العربية؟وهل يمكن قبول هذا الحكم المخالف للقواعد والعمومات بشكل عام، وفي جميع الحالات التي يُحتمل وجود شمول عام فيها، أم ينبغي الاكتفاء بالقدر المتيقن؟وما هو القدر المتيقن ؟
قيل في تعريف جزيرة العرب والحجاز الكثير، وينقل المحقق عن بعض تلك الأقوال، فيقول: إنّ المراد من الحجاز مكة والمدينة، والمراد من جزيرة العرب مكة والمدينة واليمن وتوابعها. وينقل عن آخرين القول في أن المراد من جزيرة العرب هي المنطقة المحصورة بين عدن وعبادان طولاً، وبين تهامة وأطراف الشام عرضاً (19).
ويعتقد العلاّمة الحلّي: بأن المراد من جزيرة العرب الحجاز، والحجاز عبارة عن مكة والمدينة واليمامة وخيبر وينبع وفدك وأطرافها، ويقال لها الحجاز لأنها تحجز بين نجد وتهامة، ويضيف العلاّمة في سبب تخصيص جزيرة العرب بالحجاز، بأنه لو لم يكن ذلك لوجب إخراج أهل الذمة من اليمن أيضاً (20).
يقول الشوكاني: قال الأصمعي: إنّ جزيرة العرب عبارة عمَّا بين عدن إلى العراق طولاً، ومن جدة إلى اطراف الشام عرضاً، وسبب اطلاق الجزيرة عليها; إحاطتها ببحر الهند وبحر فارس والحبشة.
وقال صاحب القاموس: إنّ جزيرة العرب، منطقة أحاط بها بحر الهند وبحر الشام ودجلة والفرات، أوأن نقول من عدن إلى أطراف الشام، ومن جدة إلى ريف العراق (21).
ويقول صاحب الجواهر بعد نقل كلام الاصمعي وآخرين:
ولكن قد يقال: إنّ مرادهم مجرد تفسيرها، وإلاّ فالسيرة على عدم منعهم من جميع ذلك. وعلى كل حال فقد قيل: إنّها سمّيت جزيرة العرب; لأن بحر الهند وهو بحر الحبشة وبحر فارس والفرات أحاطت بها، وإنّما نسبت إلى العرب لأنها منزلهم ومسكنهم… (22).
ونستعرض فيما يلي أقوالاً لياقوت الحموي وابن منظور، لنبادر من ثمّ إلى التحقيق في هذا البحث:
يقول ياقوت عن الحجاز: جبل ممتدّ حالّ بين الغور غور تهامة ونجد… وقال الأصمعي: فمكة تهامية، والمدينة حجازية، والطائف حجازية (23).
ويقول عن الجزيرة العرب: … وإنّما سمّيت بلاد العرب جزيرة لاحاطة الأنهار والبحار بها من جميع أقطارها وأطرافها… فصارت بلاد العرب من هذه الجزيرة التي نزلوا وتوالدوا فيها على خمسة أقسام عند العرب: تهامة والحجاز ونجد والعروض واليمن (24).
ونقل ابن منظور قولاً في تحديد جزيرة العرب، منها: أنها ما بين حفر أبي موسى إلى أقصى تهامة في الطول، وأما العرض فما بين رمل يبرين إلى منقطع السماوة. ثمّ يضيف: وقال مالك بن أنس: أراد بجزيرة العرب المدينة نفسها (25).
التحقيق في المسألة
يتّضح من الروايات وأقوال العلماء: عدم جواز سكن الكفار وإقامتهم في الجزيرة العربية والحجاز حسب الفقه الاسلامي، بل يمكن القول: إنّ ذلك من مسلّمات الفقه، والمهم أن نعرف المناطق التي يشملها هذا الحكم.
نقول: إنّ هذا الحكم حكم خلاف القاعدة وخلاف الأصل، ولهذا يجب الاكتفاء بالقدر المتيقن وحمل العام على الخاص، والقدر المتيقن هنا مكة والمدينة. وقد خصّص هذا الحكم لهاتين المدينتين ; كونهما مهبط الوحي ومركز الحكم الإِسلامي، ويتّسمان بقداسة خاصة، ولا يمكن تعميم هذا الحكم على غير الحرمين الشريفين لا سيما في الفقه الشيعي; لأنّ الدليل على هذا الحكم (التعميم) أمران:
1ـ الإجماع الذي ادعاه العلاّمة الحلّي.
2ـ بعض الأحاديث القاصرة من حيث السند، أومن حيث الدلالة.
أمّا الاجماع الذي ادعاه العلاّمة الحلّي في كتابيه إجماع منقول، ودليل الإِجماع هو حديث مروي عن ابن عباس بطرق العامّة (ذكرنا نصّه سابقاً)، ولا يمكن لمثل هذا الإجماع أن يثبت شيئاً، وعلى فرض قبول الاجماع وتأييده بالسيرة القطعية التي يمكن منها استفادة الإجماع أيضاً حسب قول صاحب الجواهر نقول: إنّ العلاّمة ادعى الاجماع حول الحجاز فقط وليس جزيرة العرب، ومن الشائع إطلاق الحجاز على مكة والمدينة، فيلزم الاكتفاء بذلك لأنّ الحكم خلاف الأصل.
أمّا الروايات الواردة في كتب الشيعة، فمنها رواية أُمّ سلمة، فهي الوحيدة التي جاء فيها ذكر جزيرة العرب، وقد نقلها صاحب الوسائل، ولكن كثيراً من رواتها مجهولون، وبعضهم لم يرد اسمه في كتب الرجال، ويعتقد أنّها نفسها المروية عن ابن عباس بطرق العامة.
تبقى الروايتان المذكورتان بطرق الخاصّة واللتان ثبتناهما سابقاً (رواية علي بن جعفر، ورواية دعائم الاسلام)، فرغم أنّه يمكن القبول بهما من حيث السند وخاصة رواية علي بن جعفر المذكورة في تهذيب الشيخ، لكن دلالتهما على إخراج الكفار من كلّ الجزيرة العربية أوالحجاز فقط ممنوعة، لأنّ رواية علي بن جعفر تمنع سكن الكفّار في دار الهجرة فقط وهي المدينة، فيما ذكرت رواية دعائم الإسلام دار الهجرة والحرم، أي المدينة ومكة.
وبالطبع يستفاد من الآية الكريمة: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ﴾ (26) في حرمة دخول المشركين إلى مكة، لا كمااحتمل البعض من أنّ مكة كلها يمكن أن يطلق عليها المسجد الحرام (27)، وإنما لقوله تعالى: ﴿لاَ يَقْرَبُواْ﴾، والدخول إلى مكة يعني الاقتراب من المسجد الحرام.
رغم أننا نحتمل بأن هذه الآية لا تتعلق بدخول المشركين إلى مكة أوسكناهم فيها، وإنما نزلت في مقام منعهم من الاشتراك في مناسك الحج التي نُفّذت منذ السنة التاسعة للهجرة، وبعد إعلان سورة براءة، بواسطة أمير المؤمنين علي (ع).
الأمر الآخر ما قاله الشهيد الثاني بعدم الظفر بنص فيه من طرقنا (28)، بينما لاحظنا وجود مثل هذه النصوص، إلاّ أن يكون مراد الشهيد الثاني عدم ذكر لفظ الحجاز وجزيرة العرب، وعندئذ يكون محقّاً في ذلك.
مهما يكن من أمر، إننا نعتقد بلحاظ منطوق الروايتين المذكورتين، وبلحاظ أن حكم المسألة خلاف القاعدة وخلاف الأصل ويجب أن لانتجاوز القدر المتيقن، فانّ حكم إخراج الكفار يشمل مكّة والمدينة فقء ويقتضي الاحتياط أن يُخرجوا أيضاً من تهامة والحجاز ونجد وكلّ جزيرة العرب.
المصادر:
1– الوسائل 11: 101.
2– نفس المصدر.
3– مستدرك الوسائل 2: 262.
4– صحيح البخاري 4: 212.
5– سنن أبي داود 2: 43 ; المنتقي: 407.
6– التاج الجامع للاصول 4: 403. المِدراس: العالم الذي يدرس لهم أوالبيت الذي يدرسون فيه.
7– شرايع الإسلام: 94.
8– المبسوط 2: 47.
9– راجع الدروس: 163.
10– منتهى المطلب: 971.
11– تذكرة الفقهاء 1: 445.
12– مسالك الافهام 1: 124.
13– وهي رواية الامام الصادق التي نقلناها عن المستدرك برقم 3.
14– جواهر الكلام 21: 289.
15– مغنى ابن قدامة 10: 603.
16– الأحكام السلطانية للماوردي: 167.
17– أحكام أهل الذمة: 184.
18– فتح الباري 6: 272.
19– شرايع الإسلام: 94.
20– المنتهى: 971.
21– نيل الأوطار 8: 65.
22– جواهر الكلام 21: 291.
23– معجم البلدان 2: 218.
24– معجم البلدان: 137.
25– لسان العرب 4: 134.
26– التوبة: 28.
27– مجمع البيان للطبرسي 5: 32.
28– مسالك الأفهام 1: 124.
http://www.alhodacenter.net/alhaj/details.php?id=3422