آخر الأخبار

الجبال ووهم الأوتاد المانعة لميد الأرض
الكاتبة: نهى سيلين الزبرقان
كلما تكلمت مع مسلم عن الاعجاز يخرج لك حكاية الجبال والاوتاد ، ويقولون أن هناك آيات تكلمت عن الجبال و فيها إعجاز علمي أثبته العلم في عصرنا الحالي. لكن اليوم سأبين لكم المغالطات التي يستعملها زغلول وأمثاله، وسآخذكم معي في رحلة على أسس علمية:

أولا : يقول القرآن {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا}… (النبأ:6-7) ، من هذه الاية يستخرج الاعجازيون مثل زغلول-حسب قوله- ” أن للجبال جذوراً مغروسة في الأعماق ولم تكتشف هذه الحقيقة إلا في النصف الأخير من القرن التاسع عشر عندما تقدم السيد جورج ايري بنظريته …”
يعني السيد جورج ايري تعب وعمل حسابات وافتراضات والاعجازيون بمجرد أن فتحوا القرآن وجدوا هذه “النظرية” ، وهكذا بسهولة أصبح ما قيل في القرآن مطابقا لما قاله السيد ايري، و سأتكلم عن هذه “النظرية” لاحقا والتي ليس لها أي علاقة بما قاله القرآن..

ثانيا : يقول القرآن {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ … } (الأنبياء:31). يقولون أن دور الجبال هو تثبيت الارض لكي لا تميد بنا، اي الجبال توقف حركة الأرض، ويدعمون هذا بحديث محمد “فقد روى أنس بن مالك عن النبي أنه قال (لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ جَعَلَتْ تَمِيدُ، فَخَلَقَ الْجِبَالَ فَعَادَ بِهَا عَلَيْهَا..”
ويقول زغلول “أنّ للجبال دوراً كبيراً في إيقاف الحركة الأفقية الفجائية لصفائح طبقة الأرض الصخرية. هذا وقد بدأ فهم هذا الدور في إطار تكتونية الصفائح منذ أواخر الستينيات”
أحب أن أنوه أن كل هذا الكلام تدليس ولا فيه أي شيء من الصحة ، وأن القرآن لا يحتوي على أي فرضية أو نظرية من هذا النوع، لكن سانطلق من كلام زغلول واوضح بشكل علمي المغالطات الذي يستعملها زغلول وهو يعرف جيدا أنه يكذب خاصةً ان علم الجيولوجيا هو تخصصه.
أولا كلام زغلول عام وليس علمي، للتكلم على العلم لا بد من منهجية وساتبعها في تحليلي لكلامه.

– المغالطة الأولى: هو يقول نظرية ايري، وانا ارد عليه وأقول هي فرضية وليست نظرية، لماذا لان هناك فرق بين النظرية والفرضية، الفرضية هي توضيح مفترض لظاهرة ما، أما النظرية هي أساسيات ظاهرة ما مع وجود حقائق علمية داعمة لها. اذن زغلول يخلط بين النظرية والفرضية !

– المغالطة الثانية: هو يقول “للجبال جذوراً” وهو يعرف جيدا بما أنه عالم جيولجيا أن في علم الجيولوجيا ليس هناك استعمال كلمة “جذور” وليس هناك عالم جيولوجيا يقول أن للجبال جذور أو حتى ما يشبهها. أتى هذا الخلط من كتاب “الأرض” لفرنك براس1 ، استعمل هذا الكاتب كلمة “جذور الجبال” -وحتى في الكتاب وضعها بين قوسين كما وضعتها الآن- عندما كان يتكلم عن فرضية السيد جورج ايري. فخطفها هارون يحيا منه وقال أن الجبال لها جذور، وراح يقول أن القرآن فيه هذه المعلومة الاعجازية وكل من جاء بعده اصبح يردد هذا الكلام كالببغاء حتى زغلول الذي تخصصه جيولوجيا.
لكن ما هي فرضية السيد جورج ايري ؟ هي فرضية ليست جيولوجية وانما جيوديزيائية- قديمة جدا ظهرت في 1855-، أيضا فهي ليست الفرضية الوحيدة في الجيودزياء، بل هناك عدة فرضيات و هذا معناه ان الأمر لم يكن محسوما لأي من الفرضيات في ذلك الوقت، و أن الجيوديزائيين كانوا يستعملون كل الفرضيات في حسباتهم ، لكن منذ ظهور الجيودزياء الفضائية بما في ذلك أساليب جديدة لتحديد الجيود “شكل الارض” مباشرة، سرعان ما تخلوا عن استعمال كل هذه الفرضيات بما فيهم “فرضية ايري” . أما في الجيولوجيا لم تُقبل فرضية ايري من طرف الجيولوجيين وكانوا يعتبرونها متناقضة مع الحقائق الجيولوجية، وتعزز هذا الرفض عندما ظهرت بوادر نظرية الصفائح التكتونية (في أوائل 1960) والتي تُفسر الغلاف الصخري من اعتبارات ليست ساكنة، فنظرية الصفائح هي دينامكية أما مفهوم التوازن فهو ثابت (سكوني) -والذي هو اساس فرضية ايري الجيودزيائية- ؛ الكلام والشرح يطول فأنا اعطيت فقط نقاط . هنا أتوقف و أطرح سؤال كيف بإله لا يختار الا فرضية واحدة ويتكلم عليها في القرآن ؟ رغم أن الفرضيات الأخرى كانت صحيحة وتستعمل في الحسابات الجيودزيائية؟ ولماذا لم يتكلم عن نظرية الصفائح والتي هي أكثر أهمية في الجيولوجيا ؟

– المغالطة الثالثة: وهي الأهم يقول زغلول “أن للجبال جذوراً مغروسة في الأعماق” و القرآن يقول “أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا” فالآية معناها صريح الا وهو أن “الجبال تشبه الأوتاد” أي الجبل مثل المسمار في الأرض (وهو تشبيه) ولم تقل الآية أن للجبال جذور مغروسة، اذا انا أتساءل لماذا يحاول الإعجازيون تحريف كلام القرآن ليوافق هواهم ؟ للتذكير فقط أن الجبل هو جزء من الأرض. فالقول بأن جزءا كبيرا يوجد تحت الأرض ، فهذا لا معنى له! الجبل ليس جبل جليد….
– المغالطة الرابعة: يقول القرآن “وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ..” أي أَنَّا جَعَلْنَا فِي الْأَرْض جِبَالًا رَاسِيَة (ثابتة) لكي لا تضطرب و تتحرك الارض ، سؤالي ما معنى “الأرض” و كيف ستتحرك أو تضطرب “الأرض” اذا نزعنا هذه الجبال؟ وما معنى الثبوت أصلا ؟؟

إن تعريف المفاهيم والمعاني مهم جدا لأن الارض نقصد بها معنيين اما الكوكب أو الرقعة الجغرافية ، وهنا يقع الاعجازيون في إشكاليتين:

* الاشكالية الاولى: لو قالوا أن القرآن يقصد “بالارض” الكوكب ، هنا أتوقف وأقول لهم أن للارض حركتين واحدة حول نفسها والاخرى حول الشمس اذا لماذا هذه الجبال لم تمنع هاتين الحركتين؟ وكيف أن الله لا يعلم أن للارض حركة و ان هذه الجبال لا تمنعها ؟ اذا يصبح ما قاله الله في القرآن غير صحيح.

* الاشكالية الثانية: لو قالوا أن القرآن يقصد “بالأرض” الرقعة الجغرافية وفوقها الجبال، وبفضل الجبال هذه الرقعة لا تضطرب اي لا يحدث فيها زلزال أو أي حركة أخرى، وزغلول يقول “أن للجبال دوراً كبيراً في إيقاف الحركة الأفقية الفجائية لصفائح طبقة الأرض الصخرية”
لكن لنرى هل هذا الشرح يتفق مع العقل والمنطق و العلم:

اولا : الجبال تُمثل 25 % من مساحة الارض أي هناك الكثير من المناطق ليس فيها جبال اذن لماذا لم تمد (تتحرك) هذه المناطق ؟

ثانيا : حسب نظرية الصفائح التكتونية ان الغلاف الصخري والذي يحوي القارات والمحيطات والبحار و جزء من وشاح الارض العلوي يكون الصفائح التكتونية (وتسمى هذه الطبقة الليثوسفير) توجد فوق طبقة مادية تتسم بلزوجة العالية (تسمى أسثينوسفير) وتتحرك هذه الصفائح نتيجة ضغط القوة الحرارية الداخلية (تتحرك ببطء شديد ،سرعتها بعض السنتيمترات في السنة). هذه الألواح التكتونية عبارة عن أجزاء صلبة تتحرك بثلاثة أنواع من الحركات: الحركة المتقاربة؛ والحركة المتباعدة؛ والحركة المنزلقة؛. الجدير بالذكر أن الزلازل والبراكين وتَكُّون الجبال وأخاديد المحيطات يحدث نتيجة تحرك الصفائح التكتونية بإحدى الحركات الثلاث السالفة الذكر.
منه نستخلص أن الجبال لا تمنع أي حركة بل هي نفسها تخضع لحركة الصفائح وناتجة عنها.
تخيل قاربا (يمثل الصفيحة) وفوقه حزمة من حطب (تمثل جبلاً) هل هذا الحطب يمنع القارب من الحركة ؟ فحزمة الحطب للقارب هي مثل الجبال للصفائح -للتنبيه فقط هو مثال تبسيطي لكن لا يعبر حقيقة عن الواقع الجيولوجي فالاشياء هي اكثر تعقيدا من هذا المثال-

ثالثا : مناطق تكون الجبال (بعضها مناطق التقاء الصفائح التكتونية) وهي مناطق عرضة لزلازل كثيرة (اي حركة) ، يعني رغم وجود هذه الجبال في هذه المناطق لم تمنع بتاتا من حدوث الزلازل

رابعا : ماهي “الحركة الافقية الفجائية لصفائح” التي تكلم عنها زغلول ؟ قلت سابقا أن الصفائح تتحرك وحركتها افقية -مثل حركة قارب فوق الماء- لكن ما هو محرك هذه الصفائح ؟ يعتبر الجيولوجيون “أن حركة الصفائح التكتونية الأفقية هو مظهر من الحركات العمودية في الطبقة تحت الغلاف الصخري، هذه الحركات ناتجة عن إجلاء الطاقة المتواجدة داخل الطبقة الداخلية للأرض”
أي حسب زغلول الجبال توقف حركة الصفائح ؟ و هذا غير صحيح لأن الصفائح تتحرك و في حركة دائمة بدون توقف (تتحرك بسرعة بضعة سنتمترات في السنة وتصل في بعض المناطق الى 20سم/سنة) ، انا أريد أن افهم كيف يا زغلول تحرف حتى في الجيولوجيا ؟؟؟؟؟؟
يعني يا زغلول لو نتقبل أن الله خلق هذه الجبال لكي لا تميد الأرض بنا وهذه الجبال هي اوتاد فانا اقول لك أن عمل هذا الله فاشل جدا…

فكيف لإنسان يحمل شهادة في الجيولوجيا ويستعمل كل هذه المغالطات، فهو لا يحترم العلم الذي ينتمي اليه ولا يحترم عقول البشر. إنّ شرح هذه الآيات لايتطلب اللف والدوران، ولا هذا التفسير الذي ليس له أي علاقة بالعلم.

و أختم بما قاله الشاعر زيد بن عمر بن نفيل والذي توفي قبل ظهور محمد:

وأسلمت وجهي لمن اسلمت ** له الأرض تحمل صخرا أثقالا
دحاها فلما رآها أستوت ….** على الماء أرسى عليها الجبالا

هل هذه الأبيات هي أيضا فيها إعجاز علمي؟ وهل هو أيضا أخبره الله أن الجبال هي رواسي ؟

* ملاحظة : الجيوديزياء ( أو الجيوديسيا) : Geodesy
هو علم يبحث في كثير من الموضوعات التي تتصل بحجم الأرض وشكلها وأبعادها..

المراجع

see the Book of “UNDERSTANDING EARTH” 1-

http://pubs.usgs.gov/gip/dynamic/historical.html

http://geology.about.com/library/bl/map … plates.htm

http://www.enotes.com/earth-science/isostasy

http://en.wikipedia.org/wiki/Mountain

http://www.cnrs.fr/cw/dossiers/dosgeol/ … onique.htm

http://www.thecanadianencyclopedia.com/ … RTf0006337

http://www.anti-religion.net/geologie_coran.htm

http://www.zonehimalaya.net/Montagne/montagne.htm

http://www.dinosoria.com/tectonique_plaque.htm

مقالات الإعجاز العلمي للقرآن الكريم للدكتور زغلول النجار

http://daralijaz.com/maqalat/jebal/jebal-0.htm

http://www.maknoon.com/e3jaz/new_page_21.htm

Isostasy and flexure of the lithosphere – Watts

Prospection géophysique, Tome 4- R.E.Sheriff

اعجاز القرآن بين الحقيقة والبهتان-شاكر فضل النعماني

Les miracles du Coran -Harun Yahya