آخر الأخبار

۞ يحتوي القرآن على كمية هائلة من القصص عن الانبياء والشعوب الماضية، وخاصةً بني اسرائيل. وبعد ذكر كل انبياء اسرائيل وهجرتهم من مصر وتيههم في الصحراء اربعين عاماً، نجد القرآن مولعاً بالنبي موسى، فقد ذُكر موسى في ستة وثلاثين سورة وما لايقل عن المائة وتسع مرات في القرآن. وكل مرة ذُكر فيها كانت تكراراً لما سبق ان قيل في سورة البقرة. فكل قصة موسى وبني اسرائيل التي نقرأها في سورة البقرة، تعاد علينا بكل تفاصيلها في سورة المائدة وفي سورة يونس والاعراف والنمل وطه والقصص وسور اخرى. وكذلك ابراهيم ذكر في خمسة وعشرين سورة. فلو كرر القرآن موعظة او قانوناً من الفقه لفهمنا انه يريد التأكيد على ذلك، ولكن ان تُعاد نفس القصة اكثر من ست او سبع مرات، فلا اجد لها مبرراً.

۞ وبعض القصص عبارة عن خُرافة لا يمكن لاي انسان لديه ذرة من العقل ان يصدقها، مثل سورة يونس الذي ابتلعه الحوت وظل في بطنه اياماً ثم نبذه بالعراء. ويخبرنا القرآن لولا ان يونس كان من المسبحين، ” للبث في بطنه الى يوم يبعثون”. ونجد أنفسنا هنا امام مشكلتين كبيرتين: كيف ابتلع الحوت يونس كاملاً دون ان يقطعه ارباً؟ فنحن نعرف ان اكبر الاسماك في المحيطات هو حوت يقال له ” Whale” وهو اكبر من سمك القرش. ولكن حتى هذا الحوت، مثله مثل سمك القرش، يعتمد على اسنانه التي تفوق في حدتها الموسى، ليقطع طعامه قبل ان يبتلعه.

ولو افترضنا ان الحوت ابتلع يونس كاملاً، فاين وجد يونس الهواء ليتنفس ويعيش اياماً في بطن الحوت دون ان تهضمه العصارات الهاضمه في معدة وامعاء الحوت. والمشكلة الثانية ان القرآن يقول لولا ان كان يونس من المسبحين لظل في بطن الحوت الى يوم يبعثون. وهذا يقتضي ان يعيش الحوت ألاف او ملايين السنين، الى ان يُبعث الناس. والا فلو مات الحوت، مات يونس معه. فهل يُعقل ان يعيش الحوت الاف السنين؟ ولو افترضنا أن يونس، بمعجزة إلهية، قدر أن يتنفس في بطن الحوت لمدة ثلاثة أيام ولياليها، ما الفائدة من وراء هذه القصة؟ هل الغرض منها إقناعنا بأن الله قادر أن يصنع المعجزات وقد روى لنا القرآن عدة معجزات أخرى قام بها موسى وعيسى وغيرهم؟ أم الغرض منها شئ آخر يخفى علينا؟
وطبعاً القصة كلها مأخوذة من التوراة عندما أمر الرب رسوله يونس ” Jonah ” أن يذهب الى مدينة نينفا ) نينوى) ليعظ أهلها، ولكن يونس هرب الى مدينة أخرى وركب مركبا متجهاً الى مدينة ” تارشيش”. وفي أثناء الرحلة هاج البحر وكاد المركب أن يغرق، فقال يونس لركاب المركب: أرموني في البحر حتى يهدأ. فرموه في البحر وهدأ البحر. وابتلع حوت كبير يونس، وظل يونس في بطنه ثلاثة أيام وثلاثة ليالي ثم قذفه الحوت على اليابسة

ومن الاشياء المحيرة في جمع وتبويب القرآن ان هناك سورة اسمها ” يونس” بها 109 آيات، ويُذكر فيها يونس مرة واحدة فقط في الآية 98: ” فلولا كانت قرية آمنت فنفعها ايمانها الا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين”. وفي سورة الصافات نجد تفاصيل قصة يونس في عشرآيات متتاليات. وكان الاجدر ان تُسمى هي سورة يونس. وكذلك هناك سورة اسمها ” النحل” بها 128 أيةً، ولا يذكر فيها النحل الا في الايتين 68 و 69.
وهذه الاية المذكورة في سورة يونس أعلاه يصعب فهمها لان ” الا” اداة استثناء، فنقول مثلاً: آمن الناس كلهم الا ابو لهب. واذا طبّقنا هذا على الاية المذكورة، نجد ” الا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي”. ويُفهم من هذا ان الذين آمنوا قبلهم لم يرفع عنهم عذاب الخزي ولم ينفعهم ايمانهم. ولكن الجزء الاول من الاية يقول: ” فلولا قرية آمنت فنفعها ايمانها”. و ” لولا” حرف امتناع لوجود. فنقول مثلاً: لولا النيل لكانت مصرُ صحراءً”. فوجود النيل منع مصر من ان تكون صحراء. وبالتالي فلولا قريةُ آمنت، لعذبها الله، ولكن وجود ايمانها منع عذابها. يعني نفعها ايمانها. فلا مجال للاستثناء هنا، لان القرية التي آمنت نفعها ايمانها وقوم يونس نفعهم ايمانهم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *