كيف هزم محمد في مكة وفتر الوحي وقيل له قد قلاك صاحبك او شيطانك ولم يقم ثلاثة ايام اي لم يصل صلاته كعادته ثلاثة ايام سويا.
لقد ذكرت قديما موضوع النضر بن الحارث الحكيم الذي هزم محمدا . واشرت الى فتور الوحي اربعة عشر يوما كثرت او قلت فما ذلك بمخل .
وقد سألني اخ عن بيان لسبب فتور الوحي وعدم نزوله فوضعت هذه الخلاصة .
وسوف اردفها بتفصيل الادلة وفق ما اجمعت عليه الامة سنة وشيعة وما اجمع عليه المفسرون والروات واهل الحديث وما ثبت وفق ايات الكتاب المحمدي الذي افاضه على امته من اناء عقله الباطن وفق تاثر الحال وتغير الاحوال التي يمر بها .
وخلاصة بيان فتور الوحي بيانه في لسان حبر الامة بن عباس :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة،
فقالوا لهم: سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم علم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى قدما المدينة فسألوا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفوا لهم أمره وبعض قوله،
وقالا: إنكم أهل التوراة، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا، قال، فقالت لهم: سلوه عن ثلاث نأمركم بهن، فإن أخبركم بهن، فهو نبي مرسل، وإن لم يفعل، فالرجل متقول، فروا فيه رأيكم.
سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم، فإنهم قد كان لهم شأن عجيب. وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها، ما كان نبؤه؟ وسلوه عن الروح ما هو؟ فإن أخبركم بذلك، فهو نبي فاتبعوه، وإن لم يخبركم فإنه رجل متقول، فاصنعوا في أمره ما بدا لكم،
(وقبل ان نكمل لابد من التدبر في هذه الاسطر فقريش هنا لم تكذب محمدا بغضا او كرها له بل لانها لم تصدقه لعدم وجود حجة تثبت نبوته والا فظاهر فعل القوم يدل على بحثهم عن الحق وهذا ما ظهر منهم ومن فعلهم ومن جواب اليهود انفسهم والا فلو ارادوا تكذيبه مطلقا لماذا ارادوا حجة ودليلا واية فلما عجز عنها طلبوا من اهل الكتاب معرفة حاله , فلربما كان نبيا ولكنهم قوم يجهلون .. نعم استعانوا باهل الكتاب فلعله يكون صادقا وهم مخطؤون ولكنه مع هذا عجز أيضاً ولم يأتيهم بجواب ). انتهى تنبيهي
ولنكمل …
فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش، فقالا: يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور، فأخبروهم بها، فجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أخبرنا، فسألوه عما أمروهم به،
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبركم غدا عما سألتم عنه ولم يستثن، فانصرفوا عنه، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة لا يحدث الله له في ذلك وحيا، ولا يأتيه جبريل عليه الصلاة والسلام،
( وكذلك لابد هنا من تنبيه وتدبر فلو كان محمد نبي من الله واجتمع القوم من اجل معرفة الحق والهداية او من اجل افحامه وسالوه عن اجابات وكان من الله والله يريد لدينه ان ينتشر فلماذا لم يجبهم في الحال او بعد يوم ؟؟؟؟؟ ولماذا الانتظار ومع هذا الانتظار سنعرف بانه حتى بعد الخمسة عشر ليلة فهو لم ياتهم بالاجوبة وسنبين الدليل الحق الفصيح الصريح على ان محمدا لم يات بجواب ولو ايهامي حتى بعد ال 15 ليلة . ونقول كيف لرب محمد ان لا يجب من اجتمعوا على طلب الهداية او من اجمعوا امرهم على افحام واساكات رسوله ؟؟؟؟ لكنه من جهة اخرى يجبر الناس بحد السيف ليؤمنوا بمحمد ودينه الجديد الذي لم يات بمعجزة ولم يأت بجواب فصيح صريح عن تساؤلات قوم اجتمعوا من اجل طلب الهداية ؟؟؟؟؟ هذه النقطة يراد لها ترليونات من علامات الاستفهام)
ولنكمل …
حتى أرجف أهل مكة وقالوا: وعدنا محمد غدا واليوم خمس عشرة ليلة، وقد أصبحنا فيها ولا يخبرنا بشيء عما سألناه، وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه، وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة، ثم جاءه جبريل عليه الصلاة والسلام من الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف، فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية، والرجل الطواف، وقول الله عز وجل: وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ . إلى آخر الآيات.
لكن لم يخبرنا هنا في الحديث متى نزلت سورة الكهف فهل بعد شهر او سنة وهل سبقتها سور ؟؟؟
والجواب انها نزلت بعد 62 سورة من بعد سورة الضحى التي اشارت لعجز محمد وفتور الوحي وسورة الضحى نزلت بعد خمسة عشر يوما او اربعة عشر يوما من فتور الوحي المحمدي وهي السورة التي تقول
وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى .. الى اخر السورة والشاهد هنا هو ما ودعك ربك وما قلى
وسبب النزول هو لفتور الوحي حتى عير محمد واستهزأ به من نساء ورجال مكة ومن تلك النساء ام هاني زوجة جميل ال ابي طالب ابي لهب واخت ابي سفيان.
لقد اجمع المفسرون على تفسير (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ) بما قد جاء في تفسير حبر الامة بن عباس بقوله:
{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} مَا تَركك رَبك مُنْذُ أوحى إِلَيْك {وَمَا قلى} مَا أبغضك مُنْذُ أحبك وَلِهَذَا كَانَ الْقسم وَهَذَا بعد مَا حبس الله عَنهُ الْوَحْي خمس عشرَة لَيْلَة لتَركه الِاسْتِثْنَاء فَقَالَ الْمُشْركُونَ ودعه ربه وقلاه.
اذن لم ياتي محمد بجواب وفتر الوحي طيلة خمسة عشر ليلة والسبب لكون اناء محمد اي عقله الباطن لم يسمع بهذه القصص التي سأل عنها لذلك لا يمكن ان يفيض عليهم ويأتي بقصصه الاسطورية وهكذا بعد خمسة عشر ليلة جاءه وحي عقله الباطن لكن ليس بالاجوبة بل بسورة الضحى .
لقد حار جوابا ولم تات اجوبته المبهمة الا في سورة الكهف وسورة الاسراء وكلاهما نزلتا عليه بعد زمن طويل وقد نزلت قبل ذلك سور كثيرة وهذا ما غيب عنا ولم يوضحوه لنا لكونه امر يثير الغرابة ويؤدي للعجب .
ولو فرضنا بانه قد اجاب بعد خمسة عشر يوما فلن يزيح جوابه أيضاً الغرابة والتعجب لكونه قد تأخر اياما طويلة ثم جاء مبهما لا يظهر حقا ولا يزيح باطلا او يفحم خصما ولا يثبت حقيقة.
ثم لما بحث وعرف بعضا من قصة اصحاب الكهف ظنها حقيقة وليست اسطورة مخترعة من قبل راهب مسيحي يبشر لدينه .
واما جوابه عن الروح وابهامه فلا يختلف فيه اثنان .
وقصة ذي القرنين بعيدة جدا عن حقيقة ذي القرنين وهي عبارة عن خليط من مجموعة اساطير لا تقل غرابة عن اسطورة الناقة التي خلقت وفصيلها من جبل ثم مع هذا كفر القوم بها وبربها بغيا وعتوا وشوقا لنار جهنم فعقروها فدمدم عليهم ربهم دمدمة ادمتهم وقضت عليهم واهلكتهم .
تصور معي ان العقول القديمة التي كانت تضحي بابنائها من اجل تمثال اصم فتجتمع عليه لتقدسه وتتعبد له وتضحي بالابناء له تجتمع على ناقة طلبوها من الله ان تظهر من جبل مع فصيلها فلما ظهرت اليهم عيانا بيانا كفروا بها يا لغرابة هذا الانسان وحبه لنار جهنم .
ثم ان العجيب في هذه القصة ان الناقة لها شربة يوم معلوم وللقرية شربة يوم معلوم كانما الناقة نهر جيحون لا يرتوي بدقائق معدودة ؟؟؟؟
ما شاء الله كتاب حكيم من رب حكيم كله عبرة وقصص واساطير وتفحيم .
نعم لقد سقط فتكلم عن ذي القرنين بعد زمن طويل من تاريخ سؤاله ولربما لشدة تاثره وكبته لأنفعالاته وقت هزيمته سقط وشرق به الصرع شرقا وغربا فظن بانها وحي من الله.
لذلك فشلت دعوته بمكة او قل افشل محمد دعوته او الرب او جبريل قد افشلا دعوته من اجل ان يقهر القوم بعد ذلك بحد السيف ليكون مظهر الرحمة التي جائت بالسيف ليهتدي بها كل سلفي ووهابي وداعشي .
ولو فرضنا بان السؤال كان واحدا فقط او انه قد اجاب عن البعض او قد اجاب متأخرا فلن يخل هذا بما اثبتناه البتة.
وعليه ومن خلال تتبع اسباب النزول سنعرف بان سورة الضحى مكية وترتيب نزولها هو الحادية عشر وكان قبلها سورة الفجر وبعدها الانشراح.
واما سورة الاسراء فقد نزلت حوالي السنة 12 من دعواه النبوة في مكة
وسورة الكهف نزلت قبل الهجرة مباشرة فالكهف مكية النزول بإجماع المفسرين.
وهنا لما فشل محمد امام قريش ادعى انه التقى بالجن وتنصل من صنع المعجزات لكونها اذا نزلت فلن يؤمن بها اهل الكفر لذلك من سيتامل في السور المكية التي نزلت بعد سورة الضحى سيعرف حقائقا كثيرة تشير للاضطراب النفسي والذهني الذي عاشه محمد طيلة تلك الفترة واصبح يكثر من ترديد وما انا الا بشر رسول.
وقد ادمته هذه الحادثة حتى كاد ان يشك بنبوته وهذا ما دلت عليه ايات كثيرة بل ان خديجة نفسها قالت له : إني أرى ربك قد قلاك مما نرى من جزعتك.
بل قد ذكرت بعض الروايات بانه لم يقم لله مصليا ثلاثة ايام .
بل وحاول ان يلصق عدم نزول جبريل بسبب اصحابه ولباسهم المخالف للشرع الجديد.
لذلك لما ظفر بالنضر بن الحارث وصاحبه عقبة في بدر عندما هرعا لنجدة القافلة من محمد واتباعه ووقعا في الاسر في بدر اخذ الفداء من الجميع و امر بقتل النضر وصاحبه شر قتلة فاعطاهما لعلي وقتلا صبرا اي بتقطيع الاعضاء وتركهما حيين تحت لظى حرارة الشمس وفي صحراء مستعرة وهو يردد ليشفي صدور قوم مؤمنين . وقد فصلنا سابقا ذلك
هذا مختصر ثابت بالقطع والدليل ووفق ايات كتاب محمد وسوره وباجماع الامة وقد اختصرته كثيرا بغية نشره كموضوع مختصر وساردف به كل الادلة وفق كتب الشيعة والسنة حتى لا يدعين مسلم بانه راي مذهب مخالف لرأي مذهبه او طائفته.
وسلام ودعاء ومحبة للجميع
الموضوع يتبع …..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سوف الحق المصادر لما اختصر في الاعلى وسوف تكون وفق المذهب السني والشيعي وربما اجعلها عدة حلقات للمصادر
تفسير حبر الامة بن عباس :
{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} مَا تَركك رَبك مُنْذُ أوحى إِلَيْك {وَمَا قلى} مَا أبغضك مُنْذُ أحبك وَلِهَذَا كَانَ الْقسم وَهَذَا بعد مَا حبس الله عَنهُ الْوَحْي خمس عشرَة لَيْلَة لتَركه الِاسْتِثْنَاء فَقَالَ الْمُشْركُونَ ودعه ربه وقلاه
وذكر في فتح الباري وكذا
فِي سِيرَة اِبْن إِسْحَاق فِي سَبَب نُزُول وَالضُّحَى شَيْء آخَر ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا سَأَلُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ وَالرُّوح وَغَيْر ذَلِكَ وَوَعَدَهُمْ بِالْجَوَابِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ ، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ جِبْرِيل اِثْنَتَا عَشْرَة لَيْلَة أَوْ أَكْثَر فَضَاقَ صَدْره ، وَتَكَلَّمَ الْمُشْرِكُونَ : فَنَزَلَ جِبْرِيل بِسُورَةِ وَالضُّحَى ، وَبِجَوَابِ مَا سَأَلُوا ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) اِنْتَهَى . وَذِكْر سُورَة الضُّحَى هُنَا بَعِيد ، لَكِنْ يَجُوز أَنْ يَكُون الزَّمَان فِي الْقِصَّتَيْنِ مُتَقَارِبًا فَضَمَّ بَعْض الرُّوَاة إِحْدَى الْقِصَّتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى ، وَكُلّ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ فِي اِبْتِدَاء الْبَعْث ، وَإِنَّمَا كَانَ بَعْد ذَلِكَ بِمُدَّةٍ وَاَللَّه أَعْلَم .
وفي تفسير القرطبي
(مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ) هَذَا جَوَابُ الْقَسَمِ. وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَبْطَأَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: قَلَاهُ اللَّهُ وَوَدَّعَهُ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: احْتَبَسَ عَنْهُ الْوَحْيُ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَقِيلَ: خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا وَدَّعَهُ رَبُّهُ وَقَلَاهُ، وَلَوْ كَانَ أَمْرُهُ مِنَ اللَّهِ لَتَابَعَ عَلَيْهِ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ. وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ «1» فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي لَأَرْجُوُ أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ، لَمْ أَرَهُ قَرُبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالضُّحى. وَاللَّيْلِ إِذا سَجى. مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى. وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ جُنْدَبٍ الْبَجَلِيِّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ فَدَمِيَتْ أُصْبُعُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [هَلْ أَنْتِ إِلَّا أُصْبُعٌ دميت،
__________
(1). هي العوراء بنت حرب أخت أبي سفيان، وهي حمالة الحطب، زوج أبي لهب.
وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ [! قَالَ: وَأَبْطَأَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: قَدْ وُدِّعَ مُحَمَّدٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. لَمْ يَذْكُرْ التِّرْمِذِيُّ:” فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا” أَسْقَطَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ، وَهُوَ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ أَيْضًا عَنْ جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَجَلِيِّ، قَالَ: رُمِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إصبعه بحجر، فدميت، فقال: [هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيَتِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيَتِ [فَمَكَثَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَا يَقُومُ اللَّيْلَ. فَقَالَتْ لَهُ أُمُّ جَمِيلٍ امْرَأَةُ أَبِي لَهَبٍ: مَا أَرَى شَيْطَانَكَ إِلَّا قَدْ تَرَكَكَ، لَمْ أَرَهُ قَرُبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، فَنَزَلَتْ وَالضُّحى. وَرَوَى عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، قَالَ: أَبْطَأَ جِبْرِيلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى شَقَّ عَلَيْهِ، فَجَاءَ وَهُوَ وَاضِعُ جَبْهَتِهِ عَلَى الْكَعْبَةِ يَدْعُو، فَنُكِتَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى.
البخاري باب ترك القيام للمريض
1057 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
احْتَبَسَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَبْطَأَ عَلَيْهِ شَيْطَانُهُ فَنَزَلَتْ
{ وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى }
وفي الطبري
( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) .
قال أبو جعفر: ابن عبد الله: هو جندب بن عبد الله البجلي.
حدثني محمد بن عيسى الدامغاني، ومحمد بن هارون القطان، قالا ثنا
سفيان، عن الأسود بن قيس سمع جندبا البجليّ يقول: أبطأ جبريل على النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى قال المشركون: ودّع محمدا ربه، فأنزل الله:( وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) .
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الأسود بن قيس، أنه سمع جندبا البجلي قال: قالت امرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أرى صاحبك إلا قد أبطأ عنك، فنزلت هذه الآية:( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، قال سمعت جندب بن عبد الله يقول: إن امرأة أتت النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: ما أرى شيطانك إلا قد تركك، فنزلت:( وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) .
حدثنا ابن أبي الشوارب، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا سليمان الشيباني، عن عبد الله بن شدّاد أن خديجة قالت للنبيّ صلى الله عليه وسلم ما أرى ربك إلا قد قلاك، فأنزل الله:( وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) .
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) قال: إن جبريل عليه السلام أبطأ عليه بالوحي، فقال ناس من الناس، وهم يومئذ بمكة، ما نرى صاحبك إلا قد قلاك فودّعك، فأنزل الله ما تسمع:( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) .
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله:( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) قال: أبطأ عليه جبريل، فقال المشركون: قد قلاه ربه وودّعه، فأنزل الله:( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) .
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله:( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) مكث جبريل عن محمد صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: قد ودّعه ربه وقلاه، فأنزل الله هذه الآية .
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) قال: لما نزل عليه القرآن، أبطأ عنه جبريل أياما، فعُيّر بذلك، فقال المشركون: ودّعه ربه وقلاه، فأنزل الله:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال أبطأ جبريل على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فجزع جزعا شديدا، وقالت خديجة: أرى ربك قد قلاك، مما نرى من جزعك، قال: فنزلت( وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى )… إلى آخرها .
وفي مصنف بن ابي شيبة
(126) حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه قال : أبطأ جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم : فجزع جزعا شديدا ، فقالت له خديجة : إني أرى بك قد قلاك مما نرى من جزعتك ، قال : فنزلت : { والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى }.
فتح الباري لأبن حجر باب ترك القيام للمريض.
1057 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
احْتَبَسَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَبْطَأَ عَلَيْهِ شَيْطَانُهُ فَنَزَلَتْ
{ وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى }
1057 – أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي نُعَيْم شَيْخه فِيهِ هُنَا بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُور فَزَادَ ” فَأَتَتْهُ اِمْرَأَة فَقَالَتْ : يَا مُحَمَّد ، مَا أَرَى شَيْطَانك إِلَّا قَدْ تَرَكَك ، فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ( وَالضُّحَى ) إِلَى قَوْله : ( وَمَا قَلَى ) ” ثُمَّ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف هُنَا عَنْ مُحَمَّد بْن كَثِير عَنْ سُفْيَان بِلَفْظٍ آخَر وَهُوَ ” اِحْتَبَسَ جِبْرِيل عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ اِمْرَأَة مِنْ قُرَيْش ” الْحَدِيث – وَقَدْ وَافَقَ أَبَا نُعَيْم أَبُو أُسَامَة عِنْد أَبِي عَوَانَة ، وَوَافَقَ مُحَمَّد بْن كَثِير وَكِيع عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ ، وَرِوَايَة زُهَيْر الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا فِي التَّفْسِير كَرِوَايَةِ أَبِي نُعَيْم ، لَكِنْ قَالَ فِيهَا ” فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَة أَوْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ” وَرِوَايَة اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ الْأَسْوَد عِنْد مُسْلِم كَرِوَايَةِ مُحَمَّد بْن كَثِير ، فَالظَّاهِر أَنَّ الْأَسْوَد حَدَّثَ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فَحَمَلَ عَنْهُ كُلّ وَاحِد مَا لَمْ يَحْمِلهُ الْآخَر ، وَحَمَلَ عَنْهُ سُفْيَان الثَّوْرِيّ الْأَمْرَيْنِ فَحَدَّثَ بِهِ مَرَّة هَكَذَا وَمَرَّة هَكَذَا ، وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَة عَنْ الْأَسْوَد عَلَى لَفْظ آخَر أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف فِي التَّفْسِير قَالَ ” قَالَتْ اِمْرَأَة يَا رَسُول اللَّه مَا أَرَى صَاحِبك إِلَّا أَبْطَأَ عَنْك ” وَزَادَ النَّسَائِيُّ فِي أَوَّله ” أَبْطَأَ جِبْرِيل عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ اِمْرَأَة ” الْحَدِيث . وَهَذِهِ الْمَرْأَة فِيمَا ظَهَرَ لِي غَيْر الْمَرْأَة الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث سُفْيَان ، لِأَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَة عَبَّرَتْ بِقَوْلِهَا ” صَاحِبك ” وَتِلْكَ عَبَّرَتْ بِقَوْلِهَا ” شَيْطَانك ” . وَهَذِهِ عَبَّرَتْ بِقَوْلِهَا ” يَا رَسُول اللَّه ” وَتِلْكَ عَبَّرَتْ بِقَوْلِهَا ” يَا مُحَمَّد ” . وَسِيَاق الْأُولَى يُشْعِر بِأَنَّهَا قَالَتْهُ تَأَسُّفًا وَتَوَجُّعًا – وَسِيَاق الثَّانِيَة يُشْعِر بِأَنَّهَا قَالَتْهُ تَهَكُّمًا وَشَمَاتَة . وَقَدْ حَكَى اِبْن بَطَّال عَنْ تَفْسِير بَقِيِّ بْن مَخْلَد قَالَ ” قَالَتْ خَدِيجَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين أَبْطَأَ عَنْهُ الْوَحَى : إِنَّ رَبّك قَدْ قَلَاك ، فَنَزَلَتْ وَالضُّحَى ” وَقَدْ تَعَقَّبَهُ اِبْن الْمُنِير وَمَنْ تَبِعَهُ بِالْإِنْكَارِ ، لِأَنَّ خَدِيجَة قَوِيَّة الْإِيمَان لَا يَلِيق نِسْبَة هَذَا الْقَوْل إِلَيْهَا ، لَكِنْ إِسْنَاد ذَلِكَ قَوِيّ أَخْرَجَهُ إِسْمَاعِيل الْقَاضِي فِي أَحْكَامه وَالطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره وَأَبُو دَاوُدَ فِي أَعْلَام النُّبُوَّة لَهُ كُلّهمْ مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد بْن الْهَادِ وَهُوَ مِنْ صِغَار الصَّحَابَة وَالْإِسْنَاد إِلَيْهِ صَحِيح ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ طَرِيق هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة لَكِنْ لَيْسَ عِنْد أَحَد مِنْهُمْ أَنَّهَا عَبَّرَتْ بِقَوْلِهَا ” شَيْطَانك ” وَهَذِهِ هِيَ اللَّفْظَة الْمُسْتَنْكَرَة فِي الْخَبَر . وَفِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل وَغَيْره ” مَا أَرَى صَاحِبك ” بَدَل ” رَبّك ” وَالظَّاهِر أَنَّهَا عَنَتْ بِذَلِكَ جِبْرِيل . وَأَغْرَبَ سُنَيْد بْن دَاوُدَ فِيمَا حَكَاهُ اِبْن بَشْكُوَال فَرَوَى فِي تَفْسِيره عَنْ وَكِيع عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَة قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ ، وَغَلِطَ سُنَيْد فِي ذَلِكَ فَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ أَبِي كُرَيْب عَنْ وَكِيع فَقَالَ فِيهِ ” قَالَتْ خَدِيجَة ” وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق أَبِي مُعَاوِيَة عَنْ هِشَام ، وَأَمَّا الْمَرْأَة الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث سُفْيَان الَّتِي عَبَّرَتْ بِقَوْلِهَا ” شَيْطَانك ” فَهِيَ أُمّ جَمِيل الْعَوْرَاء بِنْت حَرْب بْن أُمَيَّة بْن عَبْد شَمْس بْن عَبْد مَنَافٍ ، وَهِيَ أُخْت أَبِي سُفْيَان بْن حَرْب وَامْرَأَة أَبِي لَهَب كَمَا رَوَى الْحَاكِم مِنْ طَرِيق إِسْرَائِيل عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ زَيْد بْن أَرْقَم قَالَ ” قَالَتْ اِمْرَأَة أَبِي لَهَب لَمَّا مَكَثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامًا لَمْ يَنْزِل عَلَيْهِ الْوَحْي : يَا مُحَمَّد مَا أَرَى شَيْطَانك إِلَّا قَدْ قَلَاك ، فَنَزَلَتْ وَالضُّحَى ” رِجَاله ثِقَات وَفِي تَفْسِير الطَّبَرِيّ مِنْ طَرِيق الْمُفَضَّل بْن صَالِح عَنْ الْأَسْوَد فِي حَدِيث الْبَاب ” فَقَالَتْ اِمْرَأَة مِنْ أَهْله وَمِنْ قَوْمه ” وَلَا شَكَّ أَنَّ أُمّ جَمِيل مِنْ قَوْمه لِأَنَّهَا مِنْ بَنِي عَبْد مَنَافٍ . وَعِنْد اِبْن عَسَاكِر أَنَّهَا إِحْدَى عَمَّاته ، وَقَدْ وَقَفْت عَلَى مُسْتَنَده فِي ذَلِكَ ، وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ قَيْس بْن الرَّبِيع فِي مُسْنَده عَنْ الْأَسْوَد بْن قَيْس رَاوِيه ، وَأَخْرَجَهُ الْفِرْيَابِيُّ شَيْخ الْبُخَارِيّ فِي تَفْسِيره عَنْهُ وَلَفْظه ” فَأَتَتْهُ إِحْدَى عَمَّاته أَوْ بَنَات عَمّه فَقَالَتْ : إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُون شَيْطَانك قَدْ وَدَّعَك ” .
التبيان في تفسير القران للشيخ الطوسي
وقوله (ما ودعك ربك وما قلى) جواب القسم.
وقيل: إنه لما تأخر عنه الوحي خمس عشرة ليلة، قال قوم من المشركين: ودع الله محمدا وقلاه، فانزل الله تعالى هذه السورة تكذيبا لهم وتسلية للنبي صلى الله عليه واله، لانه كان اغتم بانقطاع الوحي عنه – ذكره ابن عباس وقتادة والضحاك – ومعنى (ما ودعك) ماقطع الوحي عنك، ومعنى (قلى) أبغض – في قول ابن عباس والحسن وابن زيد – والقالي المبغض يقال: قلاه يقلاه قلا إذا ابغضه. والعقل دال على انه لا يجوز ان يقلا الله احدا من أنبيائه، والتقدير ما قلاك، فحذف الكاف لدلالة الكلام عليه، ولان روس الاي بالياء، فلم يخالف بينها، ومثله (فآوى، وفهدى، وفأغنى) لان الكاف في جميع ذلك محذوفة، ولما قلناه.
التفسير الامثل لمكارم الشيرازي باب سبب النزول
وَالضُّحَى(1) وَالَّيْلِ اِذَا سَجَى(2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى(3) وَلَلاَْخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى(4) وَلَسَوفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى(5)
سبب النّزول
روي عن ابن عباس قال: احتبس الوحي عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) خمسة عشر يوماً، فقال المشركون إنّ محمّداً قد ودعه ربّه وقلاه، ولو كان أمره من اللّه تعالى لتتابع عليه، فنزلت السّورة
وروي أنّه لمّا نزلت السّورة قال النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لجبرائيل(عليه السلام): «ما جئت حتى اشتقت إليك، فقال جبرائيل: وأنا كنت أشدّ إليك شوقاً ولكنّي عبد مأمور وما نتنزل إلاّ بأمر ربّك»
وقيل: سألت اليهود رسول اللّه عن ذي القرنين وأصحاب الكهف وعن الروح، فقال: سأخبركم غداً، ولم يقل إن شاء اللّه، فاحتبس عنه الوحي هذه الأيّام، فاغتم لشماتة الأعداء فنزلت السّورة تسلية لقلبه، (ونستبعد هذه الرّواية لأنّ اتصال اليهود بالنّبي وطرحهم الأسئلة عليه كان في المدينة لا في مكّة عادة).
الأمثل / الجزء العشرون / صفحة -274-
وقيل: إنّ المسلمين قالوا ما ينزل عليك الوحي يا رسول اللّه. فقال: وكيف ينزل عليَّ الوحي وأنتم لا تنقون براجمكم (هي عقد الأصابع يجتمع فيها الوسخ) ولا تقلمون أظفاركم)(1).
واختلفت الرّوايات في مدّة انقطاع الوحي، قيل اثنا عشر يوماً، وقيل خمسة عشر، وقيل تسعة عشر، وقيل خمسة وعشرون، وقيل أيضاً أربعون.
وكذا في الامثل باب التفسير
التّفسير
يعطيك فترضى:
في بداية السّورة المباركة قسمان: الأوّل بالنّور، والثّاني بالظلمة، ويقول سبحانه:
(والضحى) وهو قسم بالنهار ـ حين تغمر شمسه كلّ مكان.
(والليل إذا سجى) أي إذا عمّت سكينته كلّ مكان.
«الضحى» يعني أوائل النهار، أي حين يرتفع قرص الشمس في كبد السماء، ويعم نورها الأرض، وهو في الحقيقة أفضل ساعات النهار، لأنّه ـ على حدّ تعبير بعضهم ـ شباب النهار، وفيه لا يكون الجوّ حاراً في فصل الصيف، ويكون الدفء قد عمّ في فصل الشتاء وتصبح خلاله روح الإنسان مستعدة لممارسة النشاط.
«سجى» من السَّجوِ أو السُّجو، أي سكن وهدأ، وتأتي الكلمة أيضاً بمعنى غطّى، وأقبل ظلامه. والميت الملفوف بالكفن «مسجّى»، وفي الآية بمعنى سكن وهدأ، والليلة الخالية من الرياح تسمى «ليلة ساجية» أي هادئة، والبحر حين
—
1 ـ مجمع البيان، ج10، ص504.
الأمثل / الجزء العشرون / صفحة -275-
يستقر ويخلو من الأمواج الصاخبة يسمى «بحر ساج».
والمهم في الليل ـ على أي حال ـ هدوؤه وسكينته ممّا يضفي على روح الإنسان واعصابه هدوءً وارتياحاً، ويُعدّه لممارسة نشاط يوم غد، وهو لذلك نعمة مهمّة استحقت القسم بها.
بين القَسَمين ومحتوى السّورة تشابه كبير وارتباط وثيق. النهار مثل نزول نور الوحي على قلب النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، والليل كانقطاع الوحي المؤقت، وهو أيضاً ضروري في بعض المقاطع الزمنية.
وبعد القَسَمين، يأتي جواب القسم، فيقول سبحانه: (ما ودعك ربّك وما قلى).
«قلى» من «قلا» ـ على وزن صدا ـ، وهو شدّة البغض، ومن القَلَو أيضاً بمعنى الرّمي. وكلا المعنيين يعودان إلى أصل واحد ـ في رأي الراغب الأصفهاني ـ فكأن المقلّو هو الذي يقذفه القلب من بُغضه فلا يَقبَلُه.
على أي حال، في هذا التعبير سَكنٌ لقلب النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وتسلّ له، ليعلم أن التأخير في نزول الوحي إنّما يحدث لمصلحة يعلمها الله تعالى، وليست ـ كما يقول الأعداء ـ لترك الله نبيّه أو لسخطه عليه. فهو مشمول دائماً بلطف الله وعنايته الخاصّة، وهو دائماً في كنف حماية الله سبحانه.
وفي تفسير الميزان للطباطبائي
قيل: انقطع الوحي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أياما حتى قالوا: إن ربه ودعه فنزلت السورة فطيب الله بها نفسه، و السورة تحتمل المكية و المدنية.
قوله تعالى: “و الضحى و الليل إذا سجى” إقسام، و الضحى – على ما في المفردات، – انبساط الشمس و امتداد النهار و سمي الوقت به، و سجو الليل سكونه و هو غشيان ظلمته.
قوله تعالى: “ما ودعك ربك و ما قلى” التوديع الترك، و القلى بكسر القاف البغض أو شدته، و الآية جواب القسم، و مناسبة نور النهار و ظلمة الليل لنزول الوحي و انقطاعه ظاهرة.
وفي بحار الانوار للمجلسي
قال ابن عباس: احتبس الوحي عنه صلى الله عليه واله خمسة عشر يوما،
فقال المشركون: إن محمدا صلى الله عليه واله قد ودعه ربه و قلاه، ولو كان أمره من
الله تعالى لتتابع عليه، فنزلت: وقيل: إنما احتبس اثنى عشر يوما، وقيل أربعين يوما،
وقيل: سألت اليهود رسول الله صلى الله عليه واله عن ذي القرنين، وأصحاب الكهف، وعن
الروح، فقال: سأخبركم غدا، ولم يقل: إن شاء الله، فاحتبس عنه الوحي هذه الايام،
فاغتم لشماتة الاعداء، فنزلت تسلية لقلبه.
بحار الأنوار / جزء 18 / صفحة[ 197 ]
صعد رسول الله ذات يوم الصفا فقال: يا صباحاه (2)، فاجتمعت
إليه قريش فقالوا: مالك ؟ قال: أرأيتكم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ما
كنتم تصدقونني ؟ قالوا: بلى، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب:
تبا لك ألهذا دعوتنا ؟ ! فنزلت سورة تبت (3). قتادة: إنه خطب ثم قال: ” أيها الناس
إن الرائد لا يكذب أهله، ولو كنت كاذبا لما كذبتكم، والله الذي لا إله إلا هو إني
رسول الله إليكم حقا خاصة، وإلى الناس عامة والله لتموتون كما تنامون، ولتبعثون كما
تستيقظون، ولتحاسبون كما تعملون، و لتجزون بالاحسان إحسانا، وبالسوء سوءا، وإنها
الجنة أبدا، والنار أبدا وإنكم أول من انذرتم ” ثم فتر الوحي فجزع لذلك النبي (صلى
الله عليه وآله) جزعا شديدا، فقالت له خديجة: لقد قلاك (4) ربك، فنزل سورة الضحى
(5)، فقال لجبرئيل: ما يمنعك أن تزورنا في كل
(1) تقدم الايعاز إلى موضع الاية وغيرها في صدر الباب.
وسوف نرفق مصادرا اخرى في وقت لاحق وهنا لابد من اشارة بانه الوحي انقطع مرة اخرى في المدينة بسبب جرو كلب مات تحت سرير رسول الله فانقطع الوحي ثلاثا وهذا بحث اخر حتى لا يتم الخلط بين الامرين كما خلط البعض.
بقلم المبدع الاستاذ ابو شمس المحسن