آخر الأخبار

رد اعجاز غلبت الروم
لقد اصموا اسماعنا بمعجزة الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ.
لكننا هنا سنبين حقيقة صادمة يجهلها اغلب المسلمين الا وهي تحريف هذه الايات منذ السنين الاولى من الاسلام .
فالاية وفق الكتاب المتداول بين ايدينا اليوم  ووفق التفسير المتعارف والمشتهر الان بان الاية تشكل وتنطق غُلِبَتِ الرُّومُ اي خسرت وانها ستغلب مرة اخرى وستنتصر في وقت اخر وسيفرح المسلمون بنصر الله لكن لو تتبعنا السياق جيدا فسنجد اختلالا واضحا في النص وسياقا غير متزن.
وسنجدوا بان الايات لا يمكن ان تكون مترابطة والا ما معنى ان النصر سيأتي لاحقا وسيفرح بهذا النصر المؤمنون.
تامل معي جيدا لتعرف سر هذه الحقيقة!!!!!!
لكن قبل هذا لابد من مقدمة لبيان معنى القراءة الشاذة في القران
القراءة الشاذة لا تعني الخاطئة بل هي الثابتة سندا ولكن لم تصلنا وفق التواتر ودقق بكلمة انها لم تصل الينا وفق التواتر فهذا يعني بانها لو كانت هي الحق وتركت قديما فاذن لن تصل الينا وفق التواتر مع انها ثابتة .
ولنرى اراء علماء الاسلام في القراءة الشاذة لتتضح الحقيقة ولتنتهي الاكذوبة
قال اهل العلم
إن التعريف الذي تطمئن إليه النفس في تعريف القراءة الشاذة هو: القراءة التي صح سندها ووافقت اللغة العربية ولو بوجه وخالفت المصحف.(اي خالفت المصحف الذي بين ايدينا الان)
وهذا التعريف هو الذي اعتمده ابن تيمية [12، ج13 ص393-394] وابن الجزري [4، ص16-17] كما اعتمده قبلهما مكي القيسي [13، ص10، 103] وأبو شامة المقدسي [15، ص145،171].
وعليه سيكون بيان الحقيقة جليا في
وغُلِبَتِ الرُّومُ تقرء ايضا وفق قراءة قديمة غَلَبَتْ الرُّومُ
اي انها ربحت المعركة وليست بمعنى خسرت
فالتاريخ الواضح وحروب الروم وقتها لا تظهر خسارة الروم مع فارس في سنوات نزول الاية ثم كيف احبت قريش فارس وفضلتها على النصارى ؟؟؟؟

هل تتاجر مكة مع فارس ام مع الشام النصرانية؟!
هل سمعنا في التاريخ ان هناك قوافل تسير لفارس؟!
فكيف اذن احبت قريش فارس ؟!

ثم ان سياق الاية واضح وستكون الايات التي بعدها مترابطة مع الايات الاولى ان قُرِئت غلبت الروم بفتح الغين واللام كما ان حزن المسلمين في المدينة بسبب هزيمتهم في مؤتة قد دلت عليه احاديث ثابتة.

نعم خسر محمد وحزبه في مؤتة امام الروم  في ادنى الارض اي الارض البعيدة عنهم في الاردن .
ان الحقيقة الصادمة هي بان ايات غلبت الروم كانت تقرأ من قبل محمد وعلي بن ابي طالب وبن عمر وغيرهم وكما في بعض الروايات هكذا … 
غَلَبَتْ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلبِهِمْ سيغْلبون
(3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)
بفتحة على الغين وليس بضمها وفتحة اخرى على اللام وليس بكسرها وسيكون حينها المعنى من الايات التي بعدها واضحا
والا فما دخل يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُون بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

اي ان المسلمين غلبتهم الروم وسوف ياتي يوم بعد عدة سنوات قليلة فيغلبون الروم فيفرحوا بذلك
فهنا غلَبَت الروم المسلمين في معركة مؤتة في أدنى الأرض و هم من بعد غلبهم سيُغلبون
وليست بمعنى خسارة الروم امام اهل فارس فهذه اكذوبة حورت خلال العشر سنوات الاولى من ظهور هذه الايات
ففي معركة مؤتة التي خسر بها المسلمون امام الروم وطارد الروم المسلمين وحزن المسلمون بذلك حزنا شديدا
نزلت هذه الايات
غَلَبَتْ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سيغْلبون
هنا يكون المعنى واضحا
لا سيما ان السنوات الأولى من الاسلام لم تكن هناك حركات ولا نقاط على الكلمات فبالتالي يسهل قراءتها بأسلوب اخر ولكون النصر المزعوم على الروم لم يتحقق في السنوات الاولى فغيرت وطويت هذه القراءة
وذلك لان كلمة بضع عند محمد هي السبعة او ما دونها
وبما انه لم يتحقق النصر حينها غيرت الكلمة في النطق واللفظ من غلبت التي بفتح الغين واللام الى التي بضم الغين وكسر اللام
وهنا نعرف لماذا اعتبرت القراءة لهذه الكلمة غَلَبَتْ هي شاذة ونادرة عند المسلمين يعني موجودة لكنها شاذة كما انها وفق بعض الروايات كانت تعتبر هي الاصل وهكذا قراءها محمد وسنسوق ادلة على ذلك من كتب معتبرة .
وهكذا حرف المسلمون كتابهم كما حرفوه في مواقع عديدة وفق نصوص ثابتة
هكذا دأب المسلمون تحريف كتابهم بايديهم فمنذ السنوات الاولى والتي لم يتحقق نصر المسلمين على الروم تركت هذه القراءة وحرفت الى ما موجود الان وكل من يتابع السياق سيعرف الحق
هذا هو ردي الواضح والصادم والمبين لحقيقة هذه الاكذوبة

اما الادلة فستجدونها مصورة كما في الاسفل ….

ولمن لم يقتنع بهذا الحق يوجد ردود اخرى لأخوة اخرين يردون وفق ما مكتوب الان في القران

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بقلم احد الاخوة
قال الله تعالي : ( الم ، غلبت الروم في أدني الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ) .

وقال مدعي الإعجاز العلمي والغيبي في القرآن : في هذه الإية إعجازان هما:

1. تحديد المكان الذي هزم فيه الروم ، وهو في أدني الأرض .
2. التنبؤ بهزيمة الفرس علي يد الروم في بضع سنين ( اقل من عشرة سنين ) .

وقلنا : ليس في الأية إعجاز قطعي ،،، والدليل علي ذلك فيما يلي :

دحض الإعجاز الأول ( في أدني الأرض )من المتفق عليه أن المعركة الحاسمة بين الفرس والروم والتي هزم فيها الروم وقعت في مكان بين أذرعات ( درعا في سوريا حاليا ) وبصري ، وهذا بإجماع المصادر التاريخية الإسلامية ،، ومدعي الإعجاز العلمي يؤكدون أن المعركة وقعت في غور الأردن ولاأدري من أين جاءوا بهذا الإدعاء ، ولو نظرنا في أي خريطة طبوغرافية فسنجد أن المكان بين بصري ودرعا لا يمكن إعتباره أدني الأرض بأي حال من الأحوال بل لعله مكان مرتفع ، ومن الواضح أن المقصود بأدني الأرض هو قرب مكان المعركة من مكة ( نسبيا مقارنة بباقي المناطق الفارسية والبيزنطية ) .

دحض الإعجاز الثاني ( في بضع سنين )
لتحديد مدي صحة هذا الإعجاز نحتاج لتحديد 3 أشياء هي
1-متي غلبت الروم ( غلب الفرس الروم )
2-متي إنتصر الروم علي الفرس ( تحقق نبوءة القرآن )
3-متي نزلت الآية

وللإجابة علي أول سؤالين نبدأ بسرد تسلسل أحداث المعركة ( المصدر الويكيبيديا ) :
•بدأ الغزو الفارسي للإمبراطورية الرومانية في الام 603 ، حيث بدأ بغزو العراق ، ثم التوسع في القوقاز وأرمينيا خلال الأعوام التالية حيث أتم الفرس سيطرتهم علي تلك الأقاليم بحلول العام 611 ، وفي العام 611 بدأ الفرس غزو سوريا والأناضول ، وقد أتموا سيطرتهم عليها خلال عام أو عامين .

• قام هرقل بهجوم مضاد في محاولة لإستعادة الأناضاول وسوريا ، ورغم نجاحة في إستعادة الأناضول إلا أنه لقي هزيمة قاسية في أنطاكية في العام 613 وفشل في إستعادة سوريا ، وسقطت فلسطين ( والقدس والصليب المقدي ) في يد الفرس ودمرت مملكة الغسساسنة في العام 614 ، فيما سقطت مصر (الإسكندرية) في يد الفرس في العام 619 .

• بدا هرقل في إعادة التهيأ للحرب وتجهيز قواته خلال تلك الفترة وبدأ في هجومه المضاد في العام 622 ، وبدأ هرقل في إستعادة الأقاليم الشمالية والشرقية من الفرس ، حيث أنه إعتمد سياسة الهجوم في القلب ، فإحتل اقاليم أرمينيا وأذريبجان وشمال إيران .

• في العام 627 خاض هرقل معركة حاسمة مع الفرس في معركة نينوي ( بالعراق أو إيران ) تمكن فيها من هزيمة الفرس هزيمة قاسية ، أدت لتحطيم جيش فارس .

• قام كافيداه بإنقلاب علي أبية كسري في العام 628 ، ووافق علي الإستسلام وإنهاء الحرب مع الرومان ، وبإستسلام الفرس تم إستعادة باقي الأجزاء التي إحتلوها من الإمبراطورية البيزنطية ( سوريا وفلسطين ومصر ) وإستعادة الصليب المقدس بدون قتال ووضعت الحرب اوزارها في العام 629 .

من خلال العرض أعلاه ومن خلال مصادر التاريخ الإسلامي يتضح أن في هذه الحرب 3 معارك حاسمة بين الروم والفرس هي معركة أنطاكية ومعركة أذرعات وقد وقعت هاتان المعركتن في العامين 613 و 614، ومن خلالهما أحكم الفرس سيطرتهم علي سوريا وفلسطين وبيت المقدس ، والمعركة الثالثة هي معركة نينوي والتي حقق فيها الرومان نصر حاسم علي الفرس وقد وقعت في العام 627 ، وعلي الرغم من أن الروم بدأوا في تحقيق الإنتصارات علي الفرس وقلب دفة المعركة في العام ، 623 إلا أنهم لم يحققوا النصر الحاسم إلا في العام 627 ولم يستعيدوا فلسطين والصليب المقدس إلا في العام 628 .

الآن السؤال الحاسم : متي نزلت الآية : يقول المفسرون وهم مدفوعون فى ذلك برغبتهم في إثبات صدق النبوءة بالقول بأن الآية نزلت في العام 616 ميلادية ، إلا أن مراجعة ترتيب السور حسب النزول يدلل علي أن سورة الروم هي من آخر ما نزل بمكة قبل الهجرة حيث أن ترتيبها حسب النزول هو رقم 84 فيما ترتيب سورة البقرة وهي أول ما نزل بعد الهجرة هو 87 ( يمكن التأكد من ذلك من أي مصدر يذكر ترتيب السور حسب النزول ) ، مما يدل علي أن نزول السورة غالبا في العام 622 ، حيث أن الهجرة كانت في نهاية هذا العام .

الخلاصة :
لو كان نزول الأية في العام 622 ( حسب تسلسل ترتيب نزول السور المعتمد من المسلمين ) يعني بعد 7 أعوام من إنتصار الفرس علي الروم وهزيمة الروم ( وهو الرأي الأرجح عندي ) ، فإن ذلك يخلق شكوكا حول النبوءة ، فما الذي جعل الله يستذكر أحداث وقعت قبل 7 أعوام ويبني نبوءات عليها ما لم يكن هناك مستجدات تستدعي ذلك ، وهذا يدعونا للإعتقاد بأن الأية نزلت بعد حدوث تغيرات في موازيين القوي لصالح الروم أو ظهور بوادر علي إنتصارهم ، أو ربما نزلت الآيات في المدينة مع غزوة بدر بعد أن إنتصر الروم فعلا وبهذا قال بعض المحدثين ومنهم السيوطي الذي قال في أسباب النزول ( لما كان يوم بدر ظهرت الروم علي الفرس فاعجب ذلك المؤمنين فنزلت الآية) .

ولو كان نزول الإية في العام 616 كما يدعي بعض الإعجازيين ، بعد المعركة فإن توقيت النزول منطقي لحد ما ، بعد ورود أنباء المعركة التي غلب فيها الروم ( بضم الغين ) ولكن : عندها تكون نهاية البضع سنين في العام 625 ، قبل تحقيق الروم لإنتصار حاسم وتحرير القدس وإستعادة الصليب المقدس ، صحيح أن الروم قد حققوا بعض الإنتصارات قبل هذا التاريخ وإنقلبت كفة المعارك لصالحهم ولكن يبقي هناك شكوك حول تحقق النبوءة .

خلاصة الخلاصة :
تاريخ نزول الآية غير مثبت بدليل قطعي ، وبالتالي المعجزة غير مكتملة ، ، أما الأحاديث حول رهان أبوبكر للمشركين (بأن الروم ستغلب خلال 7 أعوام ولما لم يتحقق النصر قال الرسول لأبوبكر أن البضع هو دون العشرة أعوام وطلب منه أن يزيدهم في الأجل عاميين إضافيين) فهي أحاديث غير صحيحة في جملتها ولا يعتد بها ،،،، المشكلة أن آيات القرآن لم تاتي مرتبة زمانيا ولا يوجد دليل عملي موضوعي واحد أن هذه الآية نزلت في أي وقت ، وعموما هناك إختلاف بين علماء المسلمين حول توقيت نزول الكثير من آيات القرآن ومنها المعوذتين اللتان إختلف حولهما العلماء حتي في كونهما مدنيتان أو مكيتان .

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
وهذا رد اخر من ابواب شتى
نهاية الإعجاز المزعوم في نبوءة غلبت الروم
بقلم الاخ اثير العاني وسنضع فديو يوضح رايه في القران اسفل المقال
النص القرآني:
غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء

بيان إشكالية قراءة نص النبوءة ومزاعم إعجازها (التنبؤ بهزيمة الفرس على يد الروم في بضع سنين)

لكي يصح ادعاء الإعجاز للنبوءة المفترضة يجب أن تتحقق ثلاثة شروط لم يتحقق منها ولا واحد كما سنرى:
أولا: أن تكون النبوءة واضحة ولا يحتمل نصها قراءات أو تفسيرات اُخرى
ثانيا: عدم وجود إشكالية بالتفسير الاعجازي للنبوءة
ثالثا: إثبات أن التنبؤ معجزة (أي أمر خارق لقوانين الطبيعة) وليس أمرا محتملا

الاشكال (1): عدم وضوح النبوءة واحتمال نصها قراءات وتفسيرات اُخرى

الإشكال (1-1) عدم إمكان تحديد زمن النزول المفترض للنص
مقتبس من الزميل The Sage

تاريخ نزول الآية غير مثبت بدليل قطعي والأحاديث حول رهان أبي بكر للمشركين (بأن الروم ستغلب خلال 7 أعوام ولما لم يتحقق النصر قال الرسول لأبي بكر أن البضع هو دون العشرة أعوام وطلب منه أن يزيدهم في الأجل عاميين إضافيين) هي أحاديث غير صحيحة في جملتها ولا يعتد بها، المشكلة أن آيات القرآن لم تأت مرتبة زمانيا ولا يوجد دليل عملي موضوعي واحد أن هذه الآية نزلت في أي وقت ، وعموما هناك إختلاف بين علماء المسلمين حول توقيت نزول الكثير من آيات القرآن ومنها المعوذتين اللتان إختلف حولهما العلماء حتي في كونهما مدنيتان أو مكيتان .
لا تقتصر أهمية هذا التوضيح على أن بالإمكان افتراض أن تأليف نص النبوءة الذي يعتقد المسلمون حسب القراءة السائدة له أنه يتنبأ بانتصار الروم على الفرس قد تم بعد أن بدأت فيه موازين القوى تميل إلى كفة الروم، بل تكمن أهمية هذا التوضيح أيضا في أن بالإمكان افتراض أن تأليف نص النبوءة كان عند انتصار الروم على الفرس وأن النص يفترض انتصار المسلمين على الروم وذلك باعتماد قراءة (غـَلـَبَت الروم وهم من بعد غلبهم سَيـُغلـَبون) وهي التي سنعتمدها في هذا الموضوع مع توضيح أسباب ذلك.

ملاحظة حول روايات المعجزات المفترضة
وبالنسبة لرواية الترمذي رهان أبي بكر للمشركين بتحقيق الروم نصرا على الفرس فإن الترمذي نفسه روى حديثا آخر ناقض الحديث الأول حيث أخبر أن النص القرآني قد نزل بعد نصر الروم وليس قبله وحَكَمَ الترمذي على الحديثين بنفس الحُكم، لكن لو افترضنا جدلا صحة رواية النبوءة عند أهل الحديث سندا وضعف الاُخرى فإن المعجزة لا يمكن أن تكون حجة على الناس بخبر آحاد ظني الثبوت فمدار الإعجاز على الدليل القطعي (اليقيني) ولا حجة على المرء في عدم التصديق بما دونه، وهذا باب كبير تدخل فيه كل الروايات التي تدعي معجزات حسية لنبي الإسلام من نبع الماء من أصابعه وحنين الجذع له وتكثيره للطعام وشقه للقمر ولا قيمة لمزاعم “التواتر المعنوي” لتلك الروايات فإنه لا مشترك بين تفاصيل الأحداث التي تزعم وقوع معجزة حسية لنبي الإسلام رغم أن القرآن نفسه يقول بأن الله قد منعه من إرسال الآيات “أن كذّب بها الأولون”(الإسراء: 59) وهذا نص على عدم وجود معجزات حسية لنبي الإسلام، ونقل القرآن أوثق من الروايات التي دوّنت بعد ذلك، فروايات الكتب الستة لم تدوّن إلا ابتداءا من القرن الثالث الهجري مما يجعل من اليسير جدا اختراع روايات عن قدرة نبي الإسلام على إحداث معجزات!
وكذلك لا حجة لمزاعم حدوث المعجزات الحسية الخارقة للطبيعة على يد موسى مثل شق البحر أو المسيح مثل القيامة بعد الموت وغيرها من الروايات التي قد يُزعم لها الثبوت بالتواتر.

الإشكال (1-2) قراءات وتفسيرات اُخرى للنبوءة المفترضة
في النص القرآني قراءتان، قراءة المبني للمجهول بضم الغين وكسر اللام “غـُلِبت الروم” وهي القراءة التي يعتقد أكثر المسلمين اليوم بتواترها وقراءة المبني للمعلوم بفتح الغين واللام “غـَلـَبت الروم” وهي القراءة التي رواها الترمذي بسند حسن غريب.
القراءة الثانية شاذة والشذوذ في مصطلح قراءات القرآن ليس كالشذوذ في مصطلح الحديث فالشذوذ حين يطلق على القراءة يراد به عند جمهور الاصوليين لا سيما المتأخرين منهم أي قراءة غير متواترة أما الشذوذ في مصطلح الحديث فهو يشير إلى ضعفه.
اقتباس:

القراءة الشاذة عند الجمهور هي ما لم يثبت بطريق التواتر.
http://www.alukah.net/articles/2/51.aspx
ولا بد من القاء نظرة سريعة على اختلاف قراءة نصين من النصوص التي يدعي المسلمون تواترها لندرك أن تلك القراءات في الحقيقة غير متواترة وإن ادُّعيَ لها ذلك من أجل أن يفهم القارئ سر تجاهلنا لضوابط المسلمين في اعتماد القراءات.
مثال
إن بعض القراءات السبعة يقرأ “يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنيأ فتبينوا” بينما تـُقرأ في قراءات اُخرى فتثبتوا
وإن نظرنا محاولين ايجاد اي تفسير لهذا الاختلاف يتفق مع تواتر هذه القراءات لن نجد، ولن يمكننا تفسير ذلك منطقيا الا كنتيجة لعدم شكل ونقط المصحف في عهد عثمان
في الواقع نستطيع أن نستنتج من اختلافات قراءات القرآن أن ما يسميه المسلمون “قراءات” هي في الواقع قرائين متعددة بسبب عدم وجود نقط ولا شكل في المصاحف القديمة (والعثمانية حسب زعمهم) والمختلفة فيما بينها فقالوا أنه قد اضيف حرف “مِن” في المصحف المكي بخلاف المصاحف الاخرى في سورة التوبة وذلك في قوله “تجري مِن تحتِها الأنهار” وهي قراءة ابن كثير المكي بخلاف جميع القراءات الاُخرى التي تقرأ “تجري تحتـَها الأنهار” !.

ببساطة هذه هي النصوص القرآنية التي يعتقد أكثر المسلمين بإعجازها..

عن اشكاليات جمع القرآن يمكنكم مراجعة تأريخ جمع القرآن وعن نقد مزاعم تواتر القراءات القرآنية مراجعة القرآن ليس متواترا.

الاشكال (2): إشكالية القراءة السائدة (القرآن يقرّ المؤمنين على الفرح بنصر الروم!)

كيف يمكن أن يبشـّر القرآن المؤمنين المسلمين بالفرح بانتصار الروم الذي أسماه “نصر الله” وهم من سيقتلون فيما بعد رسول محمد اليهم ثم يقتلون من قادة المسلمين ابن عم النبي جعفر بن ابي طالب وحب النبي اسامة بن زيد وكذلك ابن رواحة وغيرهم من المسلمين في معركة مؤتة عام 629 ميلادية؟!

لو فرضنا جدلا صحة هذه القراءة المعتمدة لدى المسلمين فإننا لن نجد تفسيرا لهذا الفرح بانتصار الروم إلا أنّ محمدا كان يجهل وقتها ما سيجري بين المسلمين وبين الروم في المستقبل لكن هذا التفسير يقدح بالنبوة ولن ينفع مخرجا للقرآن هو الآخر!
إن القرآن يقول “لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم” ويقول “لقد كفر الذي قالوا ان الله ثالث ثلاثة” فكيف يمكن للقرآن أن يقرّ فرح المؤمنين المسلمين بنصر الكافرين بدين الإسلام والذين سيدخلون فيما بعد معارك ضد المسلمين يسفك بعضهم دماء بعض سواء في مؤتة أو اليرموك أو غيرها من المعارك؟!

أدناه حديث رواه البخاري ومسلم يشير الى حزن المسلمين على قتلاهم الذين سقطوا في معركة مؤتة عام 629 على يد الروم:

لما جاء قتل زيد بن حارثة ، وجعفر ، وعبد الله بن رواحة ، جلس النبي صلى الله عليه وسلم يعرف فيه الحزن ، وأنا أطلع من شق الباب ، فأتاه رجل فقال : يا رسول الله ، إن نساء جعفر ، وذكر بكاءهن ، فأمره بأن ينهاهن ، فذهب الرجل ثم أتى ، فقال : قد نهيتهن ، وذكر أنهن لم يطعنه ، فأمره الثانية أن ينهاهن ، فذهب ثم أتى ، فقال : والله لقد غلبنني ، أو غلبننا ، الشك من محمد بن حوشب ، فزعمت : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فاحث في أفواههن التراب . فقلت : أرغم الله أنفك ، فوالله ما أنت بفاعل ، وما تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء.
رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري

اذن لا بد ان نقول ان النص القرآني يعني بنصر الله نصر المؤمنين (أي نصر المسلمين) على الروم وليس نصر الروم على الفرس وبذلك يكون وقت النص القرآني هو بعد غلبة الروم وأن القراءة الصحيحة هي غـَلـَبت الروم بفتح الغين واللام

الإشكال (3): التنبؤ ليس معجزة (أي أمر خارق لقوانين الطبيعة) بل أمر محتمللو فرضنا جدلا أن نبوءة ما قد تحققت فهذا ليس أمرا خارقا لقوانين الطبيعة بل إن أي نبوءة ممكنة هي قابلة للتحقق، يمكنكم مراجعة موضوع التنبؤ النبوي وتنبؤات دافنتشي ونوستراداموس، أيهما الإعجاز، وكذلك موضوع أبيقور أم محمد، أيهما الإعجاز
إن احتمال تحقق نصر المسلمين على الروم أو نصر الروم على الفرس احتمال وارد كما يجب أن ننظر إلى الجانب الآخر من الموضوع وهو أن عدم تحقق النبوءة لن يضر كثيرا لأن محمدا كان كبير السن وقت تأليف النبوءة وكان من المتوقع أن يموت قبل اكتمال بضع سنين (أكثرها عشر سنين) ويفلت من التساؤل رغم أنني أشك كثيرا أن إيمان أتباعه المسلمين بالجنة والنار لن يمنعهم من امتلاك الشجاعة الكافية لمحاسبته في حال فشل النبوءة، وقد مات محمد بالفعل بعمر 63 عاما وذلك سنة 632 ميلادية قبل عدة سنين من غلبة الروم على الفرس والتي تمثل التفسير السائد لدى المسلمين للنبوءة، أي حتى لو فرضنا عدم تحقق انتصار الروم فلن يمكن لأحد محاسبة محمد لأنه سيكون قد مات وقتها، ولو كان ما يزال حيا لما امتلكوا القدرة على محاسبته ولأسكتهم بنص قرآني “إلهي” جديد يخصص النبوءة أو يعطي تبريرا لعدم تحققها.
ومن الجدير بالذكر هنا أن المسلمين كانوا قبل ذلك قد سألوا محمدا بعد خسارتهم يوم احد عن سبب الهزيمة رغم أن الله قد وعدهم بالنصر فرد محمد اعتراضهم عليهم بقوله قرآنا “قل هو من عند أنفسكم” واستمر الصحابة على السمع والطاعة كالعادة!

غـَلـَبت الرومُ وهم من بعد غلبهم سَيـُغلـَبون – التفسيرات الجديدة لهذه القراءة
والآن نقدّم تفسيرين جديدين للقراءة المقترحة حيث يكون وقت تأليف النص حسب التفسير الأول هو عام 629 (حين كان محمد بعمر 60 عاما) وحسب التفسير الثاني عام 627 (حين كان محمد بعمر 58 عاما)ولن يكون محمد حيا عند انتهاء زمن تحقق النبوءة إلا أن يكون بعمر 70 أو 68 سنة على التوالي

التفسير الأول (غـَلـَبت الرومُ المسلمين وهم من بعد غلبهم سيُغلـَبون .. ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله “أي نصر المسلمين”)
إن اخذنا بنظر الإعتبار أن “الفرس” غير مذكورين في النص القرآني فمن الممكن أن يكون محمد قد ألـّف النص القرآني بعد انتصار الروم على المسلمين في معركة مؤتة عام 629 (كما اقترح الزميل الغريب) معتمدا على المصادر البيزنطية التي تؤكد خسارة المسلمين للمعركة وكذلك الروايات الإسلامية التي تذكر قتلى المسلمين.
مما يؤيد هذا التفسير أننا نتوقع أن يكون محمد والمسلمون بحال سيئة بعد خسارة المسلمين للمعركة وكما تبين الرواية التي ذكرناها في الموضوع وهكذا لن يكون لدى محمد الكثير ليخسره وربما رآى محمد تلك المغامرة بوعد المسلمين بالنصر أمرا ملحا لرفع معنويات المسلمين سواء تحقق هذا الوعد أو لم يتحقق، وفي كل الاحوال إن بقي حيا حتى ذلك الوقت فسيكون بإمكانه تأليف نص قرآني يعتبره المسلمون تبريرا إلهيا لعدم تحقق النبوءة كما أسلفنا.

التفسير الثاني (غـَلـَبت الرومُ الفرسَ وهم من بعد غلبهم سيُغلـَبون .. ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله “أي نصر المسلمين”)
هذا التفسير هو الذي أرجّحه حيث يمكّننا من معرفة سبب عدم نقل المسلمين لقراءة “غـَلـَبت الروم” بالفتح حتى أصبحت قراءة شاذة غير معتمدة عند أهل القراءات.

وفق هذا التفسير فإن تأليف هذا النص القرآني قد تم عند غلبة الروم على الفرس أو ظهور بوادر تلك الغلبة كما إن وعد محمد بنصر الله كان للمؤمنين (أي المسلمين) على الروم لا غلبة الروم على الفرس كما هو شائع نتيجة القراءات القرآنية المعتمدة لدى المسلمين.

لنقرأ هذا الحديث:

لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس ، فأعجب ذلك المؤمنين فنزلت : ( آلم . غلبت الروم ) – إلى قوله – ( يفرح المؤمنون ) . ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الترمذي – المصدر: سنن الترمذي – الصفحة أو الرقم: 2935
خلاصة الدرجة: حسن غريب من هذا الوجه
بما أن الترتيب الزمني لآيات القرآن غير معلوم بأي وسيلة قطعية، لذا يجب علينا البحث عن الزمن الذي يجعل هذا النص القرآني متسقا مع أحداث التأريخ اللاحقة وهذا ما يحققه الترتيب التالي:

أولا: عام 627
بعد هزيمة الفرس على يد الروم ألف محمد (غـَلـَبت الروم) وبشَّر محمد المؤمنين (أي أتباعه المسلمين) بالنصر على الروم

اقتباس من Wikipedia:

The Siege of Constantinople in 626 by the Sassanid Empire ended in a decisive victory for the Byzantines which, with other victories achieved by Heraclius the previous year and in 627, enabled Byzantium to regain her territories and enforce a favorable treaty with borders status quo c.590

ثانيا : عام 629
بعد سنتين من وعد محمد للمسلمين بالنصر على الروم خسر المسلمون على يد الروم في معركة مؤتة عام 629 لكنهم لم يعترفوا بالهزيمة لأن الله (أي محمد) كان قد وعدهم بالنصر على الروم في بضع سنين) فكيف يعترفون بغلبة الروم بعد سنتين؟!

هذا يمكن أن يفسر لنا السبب الذي جعل الرواية التي تذكر قراءة الفتح (غـَلـَبت الروم) رواية غريبة لأن الدواعي على نقلها ضعيفة جدا وذلك تكتما على هزيمة المسلمين بعد سنتين من وعدهم بالنصر على الروم فهجر أكثر المسلمين هذه القراءة

ولتلافي الاحراج وإخفاء خطأ التنبؤ القرآني تم تبني المؤرخين الاسلاميين لقراءة “غـُلِبت الروم” بضم الغين وكسر اللام وجعلوها اشارة الى انتصار الفرس على الروم وأوَّلوا “نصر الله” ليجعلوه يشير الى انتصار الروم لاحقا على الفرس بدلا من انتصار المسلمين وهكذا سيحولون فشل التنبؤ القرآني الى معجزة!

هذا التفسير يمكن أن يحل عدم منطقية القراءة السائدة التي تعتبر غلبة الروم الكافرين والذين سيصبحون أعداء المسلمين فيما بعد سببا لفرح المؤمنين كما إنه أفضل تفسير أمكنني التوصل إليه من حيث قدرته على تفسير عزوف المسلمين عن نقل القراءة التي اعتمدتها في المقال..